نُشر في “فيسبوك” في ١٩ مايو ٢٠١٥
المقال دا نشرته في مدى مصر من أكتر من سنة، بأعيد نشره دا الوقت بمناسبة أحكام الإعدام الأخيرة، وعلشان أوضح نقطتين.
النقطة الأولى إن دعوتنا لتعليق عقوبة الإعدام مش مرتبطة بشخصية ولا اتجاه المحكوم عليهم. أنا ضد الإعدام من باب المبدأ ومش بأدافع عن فصيل أو اتجاه سياسي معين. وبالتالي أنا ما يهمنيش إن المحكوم عليهم بالإعدام أغلبهم إسلاميين وموافقين مبدئيا علي العقوبة دي.
ثانيا، اعتراضنا على عقوبة الإعدام مش بس نابع من موقف أخلاقي، ولكن من قناعة وتقدير سياسي. عقوبة الإعدام ممكن تكون بتشفي غليل بعض الناس، أهالي الضحية أساسا، لكن برضه بترضي قطاع كبير من المجتمع. مانشيتات الصحف ال طلعت من يومين ال بتحتفل بالإعدام على إنه ثار مثال للشعور دا. أنا متفهم شعور الثأر والتشفي، وممكن حتى أشرحه لنفسي. لكني رافضه كأساس يتبني عليه قانون العقوبات. الانتقام ممكن يكون غريزة، لكن لو كل واحد فينا اتصرف بناء على غرائزه يبقى نستحل لنفسنا حاجات كتيرة احنا، كأفراد، منعناها عن نفسنا حفاظا على سلامة المجتمع. ولو كنا كأفراد بنحاول نلجم في نفسنا غريزة الثار يبقى من باب أولى إن النظام القانوني بتاعنا، وتحديدا قانون العقوبات، ما يكونش مبني على الفلسفة دي، فلسفة الثار.
ممكن حد يقول إن الإعدام غرضه مش الثار ولا التشفي، لكن الردع والزجر. لكن هنا برضه في مشاكل. مفيش أي دليل في أي مجتمع إنساني طول تاريخ البشرية يثبت إن الإعدام حقق الردع المرجو منه. إحصائيات جرايم القتل والاغتصاب وتجارة المخدرات في البلاد ال بتطبق عقوبة الإعدام على الجرايم دي بثبت إن الجرايم دي ما قلّتش لما اتطبقت عقوبة الإعدام. وزي ما بأقول في المقالة، عنصر الردع بيتحقق لما يكون في جهاز شرطة كفؤ بيقوم بتحقيقاته الجنائية بمهنية واحتراف، وبالتالي المجرم عارف إنه هيتمسك هيتمسك، وأن العقوبة واضحة ما فيهاش مساومة ولا فصال.
احنا مش ناس حالمة عايشة في السما. احنا خايفين على البلد وعلى استقرارها. عاوزين عقوبات رادعة للمجرمين، وعاوزين نحس إننا مطمنين في بيوتنا وشوارعنا، وعاوزين نتخلص من القلق والرعب ال الجماعات الإرهابية بتشتغل بيه.
وللأسباب دي تحديدا احنا معترضين على عقوبة الإعدام. وال بيطالبنا بتقديم البديل، بنقول البديل احنا قدمناه من أول يوم للثورة: إصلاح منظومة العدالة، إعادة هيكلة الداخلية، تدريب ضباط الشرطة على القيام بتحرياتهم الجنائية بمهنية ومن غير الاعتماد على التعذيب. ومرة تانية، دا مش كلام أهطل ولا هو كلام مثالي. ده كلام في صلب السياسة ومبني على استقراء دقيق للوضع. احنا كمجتمع ما نملكش ترف عدم إصلاح جهازي الشرطة والقضاء. الإعدام ما بيحققش الردع المرجو منه، بل بالعكس بيزيد من حالة الاحتقان والقلق في المجتمع. لما الناس تحس إن أحكام الإعدام بتصدر من باب الانتقام مش من باب تطبيق القانون ولا إقامة العدل، نبقى دخلنا في دوامة ثار وثار على ثار . ودي دوامة مفيش حد هينجو منها.