Press "Enter" to skip to content

خالد فهمي في صالون الترجمة متحدثاً عن غياب الوثائق المصرية

نُشر في “أخبار الأدب” في ٢٩ مايو ٢٠١٠

أقام المركز القومي للترجمة مساء الأحد الماضي ندوة لمناقشة كتاب ” اللورد كرومر.. الامبريالي والحاكم الاستعماري” لروجر أوين، وترجمة المؤرخ والمترجم الراحل رءوف عباس. جاءت ندوة صالون المركز القومي للترجمة ضمن فعاليات المنتدي السنوي السابع “للتوثيق والتأريخ الاقتصادي” الذي ينظمه المجلس الأعلي للثقافة بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقد ناقش الكتاب د.خالد فهمي وأدار الندوة د.عماد أبو غازي. 

ركز فهمي في حديثه بصالون الترجمة، الذي تغيب عنه المؤلف، علي طبيعة الكتاب حيث أكد أن” هذا ليس كتابأ عن تاريخ مصر في عهد كرومر، بل هو كتاب عن اللورد نفسه”. وتعد هذه النوعية من دراسة التاريخ غائبة عن كتابنا، “رغم أن المكتبة العربية كان بها العديد من الكتابات المنتمية لهذه النوعية تحت عنوان كتب التراجم، لكنها تراجعت لدينا”، وترجع أهمية هذه النوعية-حسبما يؤكد فهمي- إلي ضرورة احتواء عملية دراسة التاريخ لمحاولات إعادة تأسيس الشخصيات التاريخية..لهذا أشار فهمي لمصادر المؤرخ المتمثلة في مذكرات اللورد نفسه، إلي جانب الوثائق البريطانية الرسمية. لم يتغاض المؤلف عن تناقضات شخصية كرومر، بل سعي لإبرازها، وأضاف خالد:”حاول المؤرخ أن يدين تناقضات المشروع الاستعماري ككل، عبر كتابه عن شخصية كرومر .لأنه لم يكن مُنظراً للاستعمار، لكن شخصيته، وتناقضاتها، بلورت المشروع الاستعماري.” تكلم خالد فهمي عن آراء اللورد، التي أثبتت ممارسته السياسية طوال ربع قرن عدم صدقها، منها رأيه بضرورة تخفيف عبء الضرائب علي الفلاحين، وأشار إلي تناقض ذلك مع إجراءاته المتعسفة مع كبار الملاك. كما عاب فهمي علي الترجمة تفسير ذلك باعتبار” اللورد منافقاً”، حيث قال: “كان علي المؤرخ أن يتعمق أكثر في تحليله، فقد كان كرومر مؤمناً أن وجوده في مصر لمصلحتها ومصلحة المصريين كذلك، فهو كان مسيحياً مؤمناً مثل جورج بوش، كان المندوب البريطاني مقتنع ومؤمن تماماً أن الاستعمار فعل خَيّر” ..لهذا اعتبر خالد أن دراسة أوين عن اللورد كرومر “دراسة هامة لشخصية معقدة. لم يظهره كشخص بغيض، بل سعي لكشف التناقضات الحادثة في شخصيته، وآلية عمل هذه الشخصية، ودوره في تاريخ مصر وتاريخ الفكر الاستعماري”


أما عن ترجمة الراحل رءوف عباس فقد فجر فهمي مفاجأة بشأنها إذ قال إنها تغافلت أكثر من 15 فقرة من الكتاب في اللغة الأصلية، والتي تعد فقرات هامة، ويبرر فهمي أهميتها بقوله إنها “فقرات يصدر فيها أوين أحكامه النهائية عن هذه الشخصية، كما يقوم المؤلف بإدانتها”. ومن التهم التي وجهها أوين للمستعمر البريطاني، وأغفلتها ترجمة عباس، أن اللورد ” طال به الأمد في مصر، وقد سعي لذلك بإصرار شديد، وإن لم يفعل لما ارتكب كل هذه الأخطاء في حق المصريين”. كما كان-“اللورد”- مسئولا مسئولية كاملة عن الاستثمار الكبير في الري علي حساب الصرف مما أدي إلي تفاقم مشكلة المياة الجوفية فيما بعد. كذلك أن سياسات اللورد البريطاني ساهمت في تدعيم سلطة ونفوذ ملاك الأراضي ضد الفلاحين. وفي الفقرات المحذوفة من الترجمة العربية أعلن أوين مسئولية كرومر الكاملة عن عدم تشجيع التنمية والصناعة المحلية بعدما أصبحت الزراعة غير قادرة علي امتصاص البطالة في عهده. وختاماً أن شخصية اللورد البريطاني بتناقضاتها الكثيرة ساهمت “في توحيد الشعور الوطني المحتقر ليس تجاه كرومر وحده، وإنما ضد البريطانيين ككل.(كان فهمي يتكلم طوال الندوة وأمامه طبعة الكتاب الأصلية في اللغة الإنجليزية).

من ناحية أخري اختتم د.خالد فهمي كلمته بمطالبته بتوفير الوثائق المصرية للباحثين، مشيراً إلي أن روجر أوين كان يطمح أن يعد كتاباً عن جمال عبد الناصر، لكن غياب المصادر المصرية الرسمية دفعه للاهتمام بكرومر، لتوفر الوثائق البريطانية الرسمية عن حياته. وقال “غياب الوثائق يضر بكتابة تاريخنا.. نريد مصادر موثقة لتاريخنا بعيداً عن المشاهد السينمائية وأرشيف الجرائد”، هذا المطلب الأخير دفع د.مصطفي الفقي للحديث عن النقطة نفسها حيث قال:”أن هناك الكثير من الوثائق متاحة، وقد قمت أنا والدكتور بطرس غالي بإصدار وثائق خاصة عن علاقتنا بإسرائيل من قبل، لكن كل هذه الجهود لم تتم إلا بجهد شخصي.”. كما طالب الفقي بضرورة الكتابة عن الشخصيات التاريخية، بالأسلوب نفسه الذي اتبعه روجر أوين وهو أسلوب السيرة، مطالباً بإبراز أن جهد مصطفي كامل لم يتعد كونه “جهداً أدبياً”، بينما كان سعد زغلول “خطيباً في وداع كرومر”!


وفي مداخلته طالب الفقي أيضاً من “الأنتلجسيا المصرية أن تطالب بريطانيا بالاعتذار الرسمي عن جرائمها بمصر، فترة الاحتلال،عبر تمويل حملة لنزع الألغام في العلمين”!

Blog Stats

  • 783٬878 hits

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.