Press "Enter" to skip to content

تيران وصنافير ووالدة السيسي

نُشر في “فيسبوك” في ١٧ يناير ٢٠١٧

لسه تداعيات حكم المحكمة الإدارية العليا بتتضح لي ساعة بعد ساعة، وأظن إني لسه ما استوعبتش قد إيه حكم المحكمة خطير، وإزاي بيمثل نقطة فارقة في حكم السيسي.

من الحاجات الكتيرة ال ناس كتيرة، وأنا منهم، وقفت عندها المجهود المضني ال بذله خالد علي ومالك عدلي والفريق الضخم من المحامين ومن المتطوعين الشباب ال اشتغلوا معاهم على مدار شهور طويلة في ظروف أقل حاجة ممكن تتقال عنها إنها قاسية وصعبة. وكان الملفت برضه انتباه الناس لنوعية المجهود دا: قانوني، ومؤسسي، وجماعي.

نوع المجهود دا أنا شايفه طول الوقت على إنه رافد من روافد ثورة يناير الدولة بمؤسساتها كانت حذرة منه جدا وبتحاول تقضي عليه، وتُظهر جوانب أخرى من الثورة زي المظاهرات والهتاف على إنها الحاجة الوحيدة ال الثورة أنجزتها (اسطوانة “عجلة الإنتاج”).

الشغل القانوني والاستعداد للاشتباك مع الدولة على أرضيتها وال خالد علي بيمثله كان طول الوقت موجود من أول يوم في الثورة، وأهمية حكم المحكمة الإدارية العليا يكمن، جزئيا، في إظهار إزاي ممكن نبني عليه ونستلهمه. فعلي مدار اليومين ال فاتوا سمعنا كلام كتير إن من تبعات الحكم توصيف ال حصل على إنه جريمة يعاقب عليها بالمادة ٧٧ عقوبات ال بتنص الفقرة “أ” منها على أن “يُعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها”، كما تنص الفقرة ” ه” من نفس المادة على ” يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أخرى في شأن من شئون الدولة ضد مصلحتها”.

دي طبعا هتكون سكة طويلة ووعرة، وممكن قوي تفشل. لكن المهم هو ال بتمثله الخطوة دي: تمسك الشعب بحقه في محاسبة رئيسه وحكومته لو في شك إن الرئيس أو الحكومة بيفرطوا في الأرض أو بيتشغلوا ضد مصلحة البلاد.

لكن وبالرغم من أهمية النضال القانوني أعتقد إننا لازم نفكر في الأسباب الموضوعية، أو الهيكلية، ال خلتنا نشك في إن رئيس الجمهورية ممكن يكون قام بأعمال ضد مصلحة البلاد.

Quis custodiet ipsos custodes?

دا بيت شعر لاتيني معناه “مين يحرس الحراس؟” دا سؤال أزلي ويرجع حتى لما قبل الرومان. أفلاطون في جزء كبير من جمهوريته بيطرح السؤال دا ، والفكر السياسي الغربي، والإسلامي، طرح السؤال دا بأشكال مختلفة. وأعتقد إن الثورة، ثورة يناير، كانت طرحاه وبقوة: “إزاي نبني نظام سياسي نقلل فيه من سوء استخدام موظفي الدولة للسلطة ال في إيدهم؟”

طبعا احنا ما عرفناش نطرح السؤال دا أو حتى نصيغه كسؤال جوهري نختلف حوله. الإخوان بتحالفهم مع السلفيين لهونا في سؤال الهوية، والعسكر بلفونا في الحرب على الإرهاب.

لكن، عاجلا أم آجلا، لازم ننتبه للسؤال دا ونجتهد في الإجابة عليه: مين يحرس الحراس؟ إزاي نقلل من احتمالات سوء استخدام السلطة؟

السيسي، وزي ما باين بوضوح في المقطع الشهير ال بيتكلم فيه عن والدته وإزاي علمته ما يطمعش في ال في إيد الناس، بيقول لنا إن الإجابة على السؤال دا تكمن في الأخلاق الحميدة، وإن الشعب دوره بينحصر في اختيار شخص متربي كويس علشان يفوضه. ودور الرئيس، في المقابل، هو تطمين الشعب من وقت للتاني إنه ما نسيش كلام والدته أو تعليماتها.

قضية تيران وصنافير وضحت لنا مشكلة الإجابة دي: لو أعمال الرئيس أظهرت إنه ما بيسمعش كلام والدته، إحنا كشعب نعمل إيه؟ نرفع قضايا؟ ماشي. نفكر الرئيس بكلام الست الوالدة؟ ماشي.

إنما أعتقد إننا لازم نفكر في حل أكثر جذرية، حل زي إن رئيس الجمهورية، من باب الأصل، أيا كان هو مين، ما يكونش عنده صلاحيات كتيرة أو خطيرة، صلاحيات تمكنه من إنه يشتغل ضد مصالح الدولة لو نسي كلام والدته.

لما أتفرجت تاني على المشهد التاريخي ال رئيس الجمهورية بيطمن فيه شعبه مش بالتأكيد على التزامه بالدستور أو بالإشارة لوجود آليات تراقب أفعاله إنما باسترجاع ذكريات طفولته مع والدته استوقفتني آخر أربع كلمات: “أرضكو وعرضكو أمانة هنا” وقام مشاور على رقبته (عند الدقيقة ١١:١٧) . واقتكرت على طول القصة الشهيرة بتاعت اجتماع عبد الناصر مع اللجنة التنفيذية العليا في ١٧مايو الاجتماع ال قرر فيه إغلاق مضيق تيران، ووقتها اتدور على عبد الحكيم وسأله إن كان الجيش جاهز للحرب، فرد المشير وقال “برقبتي يا ريس. “

3 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.