Press "Enter" to skip to content

معاداة التقنية

نُشر في “فيسبوك” في ١٣ يونيو ٢٠١٦

 النهار دا اتنشر تقرير مهم بعنوان “معاداة التقنية” عن ما تسميه الحكومة “الجريمة الالكترونية”. التقرير نشره كل من: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية و مركز دعم لتقنية المعلومات و مؤسسة حرية الفكر والتعبير. كتب التحقيق عمرو غربية، والحقيقة ما أقدرش أقول إلا إنه شغل ممتاز، وبيلفت نظرنا لمشاكل جوهرية وخطيرة بل مميتة في مشروع القانون ال الحكومة بتحضره للتعامل مع “الجريمة الالكترونية”. (وللشفافية لازم أنوه إني كنت واحد من ال أسعدهم الحظ بقراءة مسودة أولى من التقرير.) التقرير مهم وخطير ومحتاج مننا قراءة دقيقة ومتأنية. الموضوع مش هزار. الحكومة قررت أولا إن في حاجة اسمها “الجريمة الالكترونية.” ولكن التقرير بيوضح لنا أن دا شئ خطير ومريب. فحسب التقرير: مشروع القانون “يخلق وضعًا جديدًا في القانون الجنائي المصري، حيث ينشئ عقوبات جديدة تبعًا لطريق ارتكاب الجرائم وليس تبعًا للجرائم نفسها. فانتحال الشخصية مثلاً أو التحر يض على ارتكاب جرائم العنف سيعاقب عليه إن ارتكب بطر يق الإنترنت، بمواد من القانون مختلفة عن إذا ما ارتكبت نفس الجرائم وأحدثت نفس القدر من الضرر بنفس الأشخاص وللكن بطريق آخر. وهو في هذا كمن يحاول أن يشرع عقو بة مختلفة للقتل بالسلاح الناري عن عقو بة من قَتَل بالسيف مثلًا و يزعم أن التطور التقني باختراع البارود أدى إلى ابتكار جرائم جديدة، في حين أن الجريمة واحدة، وهي التعدي على الحق في الحياة بفعل القتل مهما تنوعت وسائل تنفيذ ذلك الفعل.” ثانيا، القانون مقدم تعريفات غير دقيقة وغير صحيحة للكتير من المصطلحات المفتاحية (زي محاولة تعريف “البريد الالكتروني” و”الانترنت”)، تعريفات بتوضح جهل واضع القانون بأبجديات التقنية دي، بل خوف وريبة وتوجس منها. التعريفات كمان بتوضح (في رأيي) الهوة الجيلية ال بتفصل واضعي القوانين الشيوخ عن الشريحة الأكبر من مستخدمي الانترنت (وبالتالي الفئة المستهدفة من القانون) وهم الشباب. ثالثا، غير التمييز بين الأفراد، وغير الانحياز الواضح للدفاع عن “الشخصيات الاعتبارية العامة” والاستعداد السريع للتضحية بحقوق الأشخاط الطبيعيين (يعني أنا وانت)، القانون بيسن عقوبات مريعة تصل للإعدام في حالة من حالات الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة بحجب بعض المحتوى على الإنترنت. رابعا، كمية العوار التشريعي ال في القانون مخيفة. يعني الواحد ممكن يتقهم إن واضعي القانون مش فاهمين الإنترنت ومش مستوعبين التقنية دي، لكن ال مش مفهوم هو الرغبة الحثيثة للتضحية بقواعد قانونية أساسية تعد من سمات النظام القانوني المصري ومن دعائم استقراره، زي التعدي على مبدأ تفريد العقوبة، ال هو سلطة المحكمة في تقدير العقوبة، وزي إلزام المحكمة بفرض عقوبات جنائية لأفعال يكفي التعويض المدني لجبر الضرر الواقع منها بالمخالفة لمبادئ القانوني الجنائي المصري. باختصار، إحنا قدام مشروع قانون خطير مش بس لعدائه لتقنية الإنترنت وإنما كمان لانتهاكه أعراف ومبادئ قانونية مصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.