بمناسبة مقال الصديق العزيز بلال فضل اليوم في “العربي الجديد” عن لغز حجب وثائق حرب اكتوبر عنا كمصريين، رأيت أن أساهم معه بهذا النزر اليسير من المعلومات عن وضع الوثائق في مصر.
هل تعلم أن مصر لديها دار وثائق قومية يعود تاريخ إنشائها لعام ١٩٥٤ وأن هذه الدار وريثة “قسم المحفوظات الملكية” التي كان مقرها سراي عابدين، وأن “دار المحفوظات الملكية” بدورها وريثة “الدفترخانة” التى أسسها محمد علي بالقلعة عام ١٨٢٨؟
هل تعلم أن دار الوثائق القومية الكائنة على كورنيش النيل برملة بولاق هي الجهة التي يفترض أن تكون مستودعا لوثائق الدولة الرسمية، والمكان المفترض أن يقصده الجمهور بحثا عن وثائق رسمية صادرة عن جهات الدولة المصرية المختلفة؟
هل تعلم أن دار الوثائق تحتوي على ملايين الوثائق يعود أقدمها للعصر المملوكي؟
هل تعلم أن إجراءات الأمن والصيانة في دار الوثائق جيدة جدا، وأنه لا توجد سرقات أو تلفيات في الوثاىق المحفوظة هناك (على عكس دار الكتب)؟
هل تعلم أن متوسط عدد زائري دار الوثائق في اليوم الواحد لا يتعدى عشرة زائرين؟
هل تعلم أن سبب قلة عدد المترددين على دار الوثائق هو العراقيل الإدارية والأمنية وضرورة الحصول على تصريح من “الأمن” للاطلاع والتصوير؟
هل تعلم أن التصاريح الأمنية لا يعلم أحدا ما الجهة التي تصدرها: هل هي الأمن الوطني، أم الأمن القومي، أم المخابرات الحربية، أم غيرها من الجهات الـ”سيادية”؟
هل تعلم أن عدد التصاريح الأمنية – التي تعد قليلة على أية حال – في تناقص مستمر طوال السنوات القليلة الماضية؟
هل تعلم أن دار الوثائق لا تستطيع أن تقدر لك الوقت الذي يستغرقه استخراج تصريح الأمن؟ هل تعلم أنه في حالة رفض التصريح الأمني فإن دار الوثائق لا تفصح عن سبب الرفض ولا كيفية تلافي المشاكل التي أدت له؟
هل تعلم أن هناك عشرات الباحثين الأجانب الذين قدموا لمصر للإسهام في كتابة تارخنا باستخدام وثائقنا ولكنهم لم يحصلوا على تصاريح أمنية ولذا اضطروا إما لتغيير مواضيع أبحاثهم أو كتابة تاريخ مصر اعتمادا على وثائق أجنبية؟
هل تعلم أن دور الوثائق في منطقة الشرق الأوسط قليلة بل نادرة جدا؟ هل تعلم أن أهم دور وثائق في المنطقة (من حيث حجم مقتنياتها) هي تلك الموجودة في تركيا (وثائق الدولة العثمانية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء) وإسرائيل ومصر؟
هل تعلم أن إسرائيل لديها عدة دور للوثائق، فهناك دار وثائق دولة إسرائيل، ودار الوثائق المركزية الصهيونية، ودار وثائق الهاجاناة (وهي القوة المسلحة السابقة على تأسيس الجيش الإسرائيلي)؟
هل تعلم أن إسرائيل تقوم ليس فقط بنشر وثائقها التاريخية متى مر عليها ثلاثون عاما بل بإتاحة تلك الوثائق للجمهور في دار الوثائق؟ هل تعلم أن المستشرقين من أمثال برنارد لويس يزعمون أن العرب لا توجد لديهم دور وثائق وهو ما يعتبره دليلا على أن العرب موجودون في التاريخ لا فاعلين فيه؟
هل تعلم أن العدد الهائل من الكتب العربية التي تتناول تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي لا تعتمد على وثائق عربية، إذ أن الوثائق العربية (وأهمها الوثائق المصرية) لم يفرج عنها؟
هل تعلم أن هناك فرق كبير بين المذكرات والوثائق، فالمذكرات تعود لكاتبها وتعتمد، فيما تعتمد، على رؤيته السياسية ومواقفه الفكرية وذاكرته، أما الوثائق فهي نابعة من مؤسسة وليس شخص؟
هل تعلم أنه لا يوجد لدينا قانون ينظر لتداول المعلومات (المعاصرة أو التاريخية) كحق أصيل للمواطن وليس كمِنّة يتعطف بها المسئول الحكومي؟
هل تعلم أن قوانين تنظيم الوثائق التاريخية في مصر تستثني عدة جهات رسمية (مثل وزارة الأوقاف، الأزهر، وزارة الخارجية إلخ) من شرط إيداع وثائقها القديمة في دار الوثائق القومية؟
هل تعلم أن النتيجة المنطقية لحجب المعلومات ليس الدفاع عن الأمن القومي بل الحفاظ على أجهزة الأمن القومي؟
أ. خالد
أعمل على موضوع صحفي يتناول حرية الاطلاع على الوثائق التاريخية من قبل الباحثين في مصر .. فهل يمكن التواصل مع حضرتك بهذا الشأن؟ ولو أمكن فقد أرسلت رسالة لحسابك على الفيس بوك وربما وجدت طريقها ل “connection request” .. فهل يمكنك الاطلاع عليها؟ وشكرا لك