نُشر في “فيسبوك” في ١٠ سبتمبر ٢٠١٥
بعد ما أعدت نشر تعليق على فيسبوك عن نظرية المؤامرة، تلقيت شوية استفسارات وجيهة من أصدقاء على فيسبوك بيطلبوا شوية إيضاحات عن رأيي. فقلت أكتب كلمتين: أنا مش ضد القول إن في مؤامرات تحاك ضدنا، ولكني ضد فكرة “نظرية المؤامرة” اللي بتقول: ١. إن المؤامرة بطبيعتها سرية وبالتالي فمش ممكن ندرك أبعادها وإن كل اللي ممكن نعمله إننا نقعد نصرخ ونقول مؤامرة! مؤامرة! ٢. إننا إحنا بس اللي بتحاك ضدنا المؤامرات. ٣. إن غاية ما يمكن عمله في “فقس” المؤامرة إني أقول مين اللي ممكن يستفيد منها دون ما أبين هو نفذ دا إزاي. اللي بتعمله النظرة دي، اللي أنا باسميها “نظرية المؤامرة” هو : ١. إنها بتعفينا من مشقة البحث الجاد والدراسة المتأنية عن المؤامرات الحقيقية وطريقة تطورها؛ ٢. إنها ما بتميزش بين المؤامرة والتحالف أو التكالب واشتراك المصالح بين “المتآمرين”، وكأنها تفسر الماء بعد الجهد بالماء؛ ٣. إنها في أحسن صورها (زي “مؤامرة ١١ سبتمبر”) يتكتفي بتوضيح مين المستفيد من تبعات المؤامرة، كأن ذلك المستفيد هو اللي خطط للمؤامرة ونفذها، وأكيد انت تعرف إن دي من بديهايات الأخطاء المنطقية اللي اتعلمنها في أول درس منطق.
وللتوضيح قارن بين مقال سيمور هيرش المنشور في ١٧ ابريل ٢٠١٤ عن دور المخابرات التركية في تسليح المعارضة السورية ، ومقال عبد الله السنواي المنشور في الشروق يوم ٥ مايو ٢٠١٤ . مقال هيرش استقصائي بجد: كان عنده شك في موضوع ما، والفار بدأ يلعب في عبه: ليه أمريكا ما ضربتش الأسد بالرغم من أن أوباما قال من فترة إنه هيعمل كدا لو تأكد لديه إن النظام السوري استخدم الكيمواي، وهناك أدلة دامغة إن الكيماوي استخدم بالفعل؟ هيرش كتب مقال من ٦ صفحات يشرح إزاي السؤال دا كان بداية مجهود مضني، وإزاي عرف يوصل لمصدرين مختلفين، واحد أمريكي والتاني تركي، عن لقاء عاصف جمع بين أوباما وأردوغان في البيت الأبيض، وإن في اللقاء دا أوباما واجه أردوغان بمعلومات (من المخابرات الروسية والبريطانية) وضحت إن اللي استخدم الكيماوي كان المعارضة مش النظام، وأن المخابرات التركية كان ليها دور في دا.
قارن بقى بين المجهود الواضح في مقال/دراسة هيرش ومقال السنواي عن نفس الموضوع. السنواي، إضافة لأنه نقل الكلام كله من هيرش (مع الإشارة للمصدر)، إلا أنه ما كلفش نفسه عناء إضافة أي معلومة جديدة. طاب انت يا سناوي عندك علاقات مع أجهزة سيادية في الدولة، ما كانش ممكن ترفع سماعة التليفون وتستفسر عن بعض الأسئلة اللي خطرت في دماغك لما قريت مقالة هيرش؟ ولا المفروض بس هو عرض تساؤلات وهواجس وريبة عن وجود مؤامرة قطرية/تركية/إرهابية لإغراق مصر في السلاح المهرب من ليبيا؟ مرة تانية: دي أسئلة مشروعة وهواجس حقيقية، ولكنها يجب أن تكون بداية مجهود مش نهاية البحث.