Press "Enter" to skip to content

هل القاهرة تقتل؟

نُشر في “فيسبوك” في ٩ مارس ٢٠١٥

شهاب فخري ومحمد سعيد عز الدين ونمير جلال يقدمون هنا عملا رائعا عن شارع بورسعيد. هذا التحقيق المصور مختلف في الصورة كما في النص عما ألفناه من مقالات وكتب عن القاهرة وشوارعها ومبانيها. الصور لها حياة مستقلة عن النص، فهي في بعض الأحيان تسير معه ولكن في أحيان أخرى تحكي قصتها بشكل مستقل. أما النص فيعكس إدراكا لمستويات التاريخ المختلفة وتقاطعاته مع حياة البشر، والدولة، والإمبراطوريات، والأوبئة، والأسواق، والمباني. الجديد هنا هو هذا الإصرار على الإفلات من السرديات الحاكمة لرؤيتنا لتاريخ المدينة الحديث، وخاصة سردية “الترحم على الزمن الجميل”، وفي نفس الوقت عدم الإنزلاق إلي تقديس “الغلابة” أو لعن “إنفتاح السداح مداح”. 

التمشية كنمط للكتابة تحيلنا على مقالات بنيامين عن بودلير وإصرار الأول على رؤية الثاني داخل المدينة بكل تناقضات الحداثة التي تعكسها وتتعايش معها. هذا النمط في كتابة تاريخ المدينة وجغرافيتها، شوارعها ومبانيها وسكانها، يحيلنا أيضا للخطط كأسلوب للكتابة الحضرية التي وصل لقمته في خطط المقريزي. أن “تخط” قدمك كما “تخط” قلمك؛ أن تترك الشارع يحكي لك حواديته؛ أن تصغي لقصص قاطني البيوت ورواد السينما؛ وأن تسترجع قصص الثوار في حرقهم لقسم الشرطة، وأن تعرج على الخليج الذي طويت صفحته وسلم مساره للتروماي — وأن تقوم بكل ذلك مع الاحتفاظ لنفسك بمكان ليس ككاتب واع مسيطر متحكم يخط قلمه بسطوة وجلال بل كسائح متسكع يخط قدمه بخفة ومرح، ذلك هو ما يحمله فن الخطط من جمال وحساسية، وذلك ما أتحفنا به شهاب ومحمد في هذا النص الجميل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.