نُشر في “فيسبوك” في ٢٦ يناير ٢٠١٤
أستاذ أحمد غانم ، آسف على اللخبطة 🙂 ولكني أظن إني كنت واضح في المقالتين، أنما لزيادة التوضيح أقول الآتي:
١. أنا ما بدافعش عن تصرفات الإخوان زي مابدافعش عن تصرفات المماليك.
٢. العنف مُجدي بالفعل. فزي ما فكرنا عمرو اسماعيل النهارده، وزي ما أنا قلت في مقالتي في الشروق يوم ٢٣ أغسطس الفايت، العنف ممكن يقتل فكرة عكس اللي بنردده في الأغاني والحكايات. والتاريخ كله مليء بأمثلة علي دا.
٣. إنما بخصوص استخدام العنف لمواجهة الإخوان فهناك نقطتين:
الأولى إن تاريخ مواجهة أفكار الإخوان بالعنف على مدار أكتر من تمانين سنة بتورّى إن العنف مُجدي صحيح على المدى القصير، إنما أفكار الجيل اللاحق من الإخوان بتزداد تطرفا. أنا مدرك إن زيادة تطرف فكر الإخوان من البنا لقطب للظواهري لها أسباب كثيرة، إنما أنا متأكد إن من أهمها قمع الدولة ليهم. مشكلة الساسة (في كل حتة في العالم) إنهم بيفكروا على المدى القصير: إزاي أكسب الانتخابات الجاية كمان سنتين أو ثلاثة، إزاي أرشح نفسي لمنصب واكسب واحكم البلد للثلاث خمس سنين الجاية. إنما احنا كمجتمع الّ بنعيش على المدي الطويل وأولادنا هما الّ حيدفعوا تمن قرارتنا، والّ شكله استقرار دالوقت في حقيقة الأمر مش استقرار لو نظرنا له على المدى الطويل أو حتى المتوسط.
النقطة التانية بخصوص العنف وجدواه تتعلق بتكلفته الأخلاقية. كل الكلام الّ بيتقال عن الإخوان كخلايا سرطانية يجب استئصالها جراحيا، أو إنهم خرفان ما لهمش غير الدبح، كلام صعب عليّ قوي قبوله. أنا عمري ما احترمت الإخوان: لا تنظيما ولا أخلاقا ولا فكرا ولا مبادئ. إنما احترم حقهم في الوجود، يعني، في الحياة كأفراد. أنا مش مصدق السهولة الّ الناس الّ خايفة من الإخوان وبتكرههم بتقول إنهم لازم يتقتلم، أو إن يطلع أستاذ علم اجتماع مشهور يقول إننا لازم نحوّل المدارس والنوادي لمعتقلات نحط فيها أعضاء التنظيم الّ قدّرهم بـ ٧٠٠ ألف!! وحتى لو فرضنا جدلا إن استئصال الخلايا السرطانية الإخوانية، الّ معناه عمليا قتلهم من غير دية، حتى لو افترضنا إن دا ممكن، أو لو افترضنا جدلا إننا نجحنا في القبض على كل أعضاء الجماعة دي والزج بيهم في المعتقلات، وحتى لو افترضنا جدلا إن دا تم من غير مقاومة، إزاي احنا كمجتمع ممكن نتعايش مع تبعات هذا العمل الاستئصالي؟
إزاي ينفع إني أبلغ أمن الدولة إن زميلي في الجامعة إخوان فييجو يعتقلوه؟ طب إيه الّ يضمن لي إن دا ما يحصلّيش بعد كده؟ والجامعة تبقى جامعة إزاي لو الأساتذة ما قالوش الّ مقتنعين بيه في محاضرتهم؟
إزاي ينفع أعيش في عمارتي بعد ما أبلغ أمن الدولة إن جاري إخوان فييجو يقتلوه؟ استريحت واطمنت إن عمارتي ما فيهاش إرهابي؟ أيوة. نمت مستريح هنيء البال؟ أيوة. اطمنت على ولادي وبيتي؟ أيوة. إنما في قرارة نفسي هل أنا مستريح؟ ما أظنش. ولو أنا مستريح النهارده فاعتقد، بل أجزم، إن بكره حتساءل عن الّ عملته في فورة خوف وجزع وإن دم جاري أو زميلي أو حتى واحد تاني معرفوش — دمه في رقبتي. ولو ما سألتش السؤال ده ولو دم جاري (الّ بكرهه ومابستحملوش) بقى رخيص عليّ وكنت مستعد أقتله علشان أنام مستريح، مين الّ يضمن لي إن جاري التاني ما يبلّغش عني وييجي أمن الدولة يقتلني علشان هو يستريح؟ ولو فرضنا إن أنا نمت مستريح خالي البال بعد ما خلصت من جاري الإخواني ومعنديش أي مشاكل مع قتله، يبقى السؤال الحقيق هو: هل أنا فعلا أستاهل أعيش؟
مرة تانية خلّيني أوضح: أنا لا باحب الإخوان ولا باحترمهم. وأظن إن أقل حاجة ممكن تتقال عن قيادتهم إنهم غير مسئولين ومعندهمش أمانة، لأنهم كانوا، وما زالوا، مستعدين يضحوا بأعضاء الجماعة في سبيل فكرة حقيرة، وهي الإبقاء على التنظيم لا أكثر. وبالتالي فهم بيتسخدموا أعضاء الجماعة كدروع بشرية. ماشي. يبقى إيه الحل؟ احنا كدولة واحنا كشعب نوافق على المنطق دا؟ ونتعامل مع البشر دول كدروع بشرية يحلّ قتلها؟ وإذا عملنا كدا مش نكون تعاملنا بنفس المنطق الدموي بتاع الإخوان؟ مش احنا المفروض بندافع عن الدولة المدنية بمؤسساتها وقوانينها وأعرافها؟ طب لما نقول للقانون “دا مش وقتك”، ولما نعطي للشرطة الضوء الأخضر إنها تقتل وتعتقل وتعذب علشان تحميني، يبقى إيه الّ فضل من الدولة المدنية الّ احنا مُفترض بندافع عنها؟
الإرهاب إرهاب، ويجب التصدي ليه بحزم وحسم وقوة. إنما مواجهة الإرهاب بإعلان الحرب عليه، حرفيا مش مجازا، يعني تجييش الجيوش وتحييد القانون أو تعليقه ودا معناه الحقيقي انتصار للإرهاب مش القضاء عليه. دي حتى الحروب لها قانون يحكمها.
أيوة على المدى القصير يمكن نخدع نفسنا ونقول إننا انتصرنا على الإرهاب بإعلان الحرب عليه.
إنما على المدى الطويل، الإرهاب لا يمكن دحره وهزيمته والقضاء عليه إلا بالسياسة وفي ظل القانون.