نُشر في فيسبوك في ٧ يونيو ٢٠١٣
رد على رد دينا الخواجة اللي ردت على مقالي بتاع الشروق اليوم:
ثلاث نقاط للتوضيح. أولا أنا كتبت المقال وأرسلته للشروق قبل الاعتصام وبالتالي هو كان بيرد علىامتعاض المثقفين أصدقائي من تعيين خالد فهمي بتاع المنوفية كمدير لدار الكتب، وبالتالي المقال كان محاولة لتهذيب ما قلته في بوست الأسبوع الماضي على صفحتي هنا في فيس بوك.
ثانيا، وبغض النظر عن التوقيت، أنا لسه شايف إن المثقفين كان يجب أن يديروا المعركة دي بشكل أكثر حرفية. أنا موافقك يا دينا: التصدي لأخونة الثقافة والوزارة مرتبط ارتباطا وثيقا بتقديم خدمة ثقافية للشعب، لأنه زي ما انتي قلتي، المثقف اللي بيضيع منه هامش حريته مش هيعرف يقدم ثقافته للشعب. ولكني كنت أحب أن النقطة دي، نقطة الالتقاء بين التصدي لأخونة الدولة وتقديم الثقافة للناس، تكون أوضح بكثير مما هو معروض الآن.
اللي أنا شايفه إن الناس العادية شايفة إن دي خناقة على مناصب، وأنهم ما لهمش في الحكاية دي نصيب. أنا كنت أحب استميل الناس العادية وأقول لهم إن دي قضيتكم انتم كمان. الإخوان بقى لهم ثمانين سنة بيضحكوا على الناس ويقولو لهم إنهم بيدافعوا عن هويتهم الأصيلة وإن احنا ولاد شوية عيال متفرنجين ملحدين بايعين قضايا بلدنا. كنت أحب في المعركة دي أن احنا نضرب عصفورين بحجر: التصدي لأخونة الوزارة، وكمان التصدي لادعاء الإخوان إنهم هم بس الممثلين لهوية الشعب الأصيلة.
قضية الهوية قضية هامة بيلعبوا عليها الإسلاميين بشكل غير أمين، ولازم التصدي لهم فيها. وزي ما قلت إمبارح مع يسري فودة دة ممكن يتعمل على وينجين: التأكيد على أن هوية مصر، زي هوية كثير من البلدان، هوية معقدة، فهي إسلامية وقبطية وفرعونية ويهودية ومتوسطية وأفريقية، وبالتالي اختزالها في بعدها العربي/ الإسلامي فقط فيه تبسيط وعنصرية وإقصاء. ثانيا، التأكيد على أن سؤال الهوية، بناء على ما قيل، سؤال زائف، سؤال لا يعبر عما يحتاجة الناس بالفعل. أنا ضربت مثل بالقانون والطب في مقالي، وبعضكم لم يستحسن المثالين دول قائلا إن الطب لا يعرف الفروق الثقافية. طب ماشي. والقانون؟ هل يعرف الناس إن هناك فرقا بين الفقه والشريعة والقضاء، وإن تطور النظام القضائي المصري في الـ ١٥٠ سنة الأخيرة ما لهمش دعوة بسؤال الهوية ولكن بتقديم العدالة للناس في المحاكم (أي في مجال محدد وهو القضاء)؟ وهل يعلم المتأسلمون أن تاريخ القضاء بل تاريخ الفقه أيضا لم يكن نتاج محاولة فهم النص الإلهي والحديث النبوي فقط وإنما كان نتيجة تفاعل واقتباس من الحضارات الرومانية والإغريقية والفرعونية والفارسية والهندية؟ وإن مصر القرن التايع عشر تحديدا كان لها باع طويل في تطوير القضاء “الإسلامي” وأن القضاء المصري الحديث يعتبر امتدادا لهذا المجهود الرائد وليس نتاج اقتباس ماسخ من الغرب قامت به حفنة من النخبوين غير المهتمين بهويتهم وبتراثهم؟
ثالثا، كنت أحب برضه إننا ننتهز الفرصة دي ونقول إننا لازم نفتح ملف إعادة هيكلة الوزارة وإننا نسأل هو دورها إيه: إنتاج خدمة ثقافية كنشر كتب وإقامة مسرحيات وإنشاء فرق باليه، أم فتح المجال الثقافي للفرق والمبادرات المجتمعية العاملة في مجال الثقافة والتوسط بينها وبين البرلمان والجهاز التنفيذي للدولة من أجل تقديم الدعم المالي الضخم الذي تستلزمه الثقافة؟ أنا أرى إن النموذج الفرنسي نموذج يحمل سمات سلطوية وإنه كان مناسبا في وقت ما (وقت وزارة الثقافة والإرشاد) لكن ثورة يناير تخطته.