نُشر في فيسبوك في ٢٦ ابريل ٢٠١٣
أشكر جميع من كتب لي مهنئا بعيد ميلادي الأمس.
أنهيت يومي أمس بعشاء مع أصدقاء أعزاء أضافوا بهجة وجمالا على هذه الدنيا التي نحياها. تحدثنا بالطبع عن الثورة وسنينها وزادوني ثقة واطمئنانا بأننا سنعبر هذه المحنة سالمين وأن ثورتنا ستنتصر.
أما اليوم نفسه فكان أليما قاسيا. في الليلة قبل الماضية تلقيت تليفونا من أحد الأصدقاء القريبين يخبرني ملتاعا أن ابن خالته مات في قسم مصر الجديدة. أمتى؟ من ساعتين. إزاي؟ بيقولوا شنق نفسه؟ شنق نفسه إزاي؟ مش عارف. طب روح القسم ووافيني بالأخبار.
طوال الليلة ونهار اليوم التالي، أي بالأمس، توالت المكالمات التليفونية مع صديقي قريب الضحية وعدد كبير من الأصدقاء النشطاء والمحامين والأطباء لمعرفة ما حصل.
هذا ما تمكنت من نعرفته من الشهادات العديدة:
يوم الثلاثاء قبض على الشاب البالغ من العمر 27 سنة مع أخيه الأصغر البالغ من العمر 15 سنة في محل للملابس بمصر الجديدة بعد أن اندلعت خناقة مع صاحب المحل وبعد أن استدعى صاحب المحل الشرطة مدعيا بأن الشقيقين حاولا سرقة المحل.
في القسم حاول الأخ الأكبر أن يستجدي الضباط بأن يطلقوا سراح أخيه الأصغر. “خدوني أنا. هو صعير مالوش دعوة. هو عيان ما يستحملش الحبس.”
الأخ الأصغر مصاب بالفعل بالصرع. بعد أن رأى أخاه مساقا للحبس انتابته نوبة صرع فما كان من أخيه إلا أن يصمم على عدم تركه. الضباط مصممون على فصلهما عن بعض وعرض الولد على نيابة الأحداث. الأخ الأكبر متمسك بأخيه.
الجنود بدأوا في ضرب الأخ الأكبر حتى يتنازل عن أخيه. وأمسكوا برأسه وأخذوا يخبطوها في الحيط حتى بدأ النزيف.
بعد العرض على النيابة وبعد أن أمرت النيابة بحبسهما أربعة أيام اقتيد الأخ الأصغر لأحداث الأزبكية أما الأخ الأكبر فرجع قسم مصر الجديدة ليبيت فيه ليلة الثلاثاء- الأربعاء.
كانت هذه ليلته الأخيرة.
الشرطة والنيابة يقولان إنه انتابته حالة نفسية أدت لأن يشنق نفسه.
هذا كلام لا يصدق. الشاب كان مقبلا على الزواج بعد شهرين وهو خائف على أخيه ولا يمكن أن “يتركه” بهذه الطريقة.
من أين أتى بالسكين أو المطواة التي قطع بها البطانية وصنع منها حبلا يشنق به نفسه؟
كيف لم ينتبه زملاؤه المحابيس (ستة) لما انهمك فيه طوال الليل؟
كيف تسنى له أن يقفز على شباك حمام الزنزانة بدون كرسي أو اي شيء يقف عليه؟
تقرير الطبيب الشرعي يدعي بأنه لا توجد أي شبهة وأن الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق.
المحامون الذين دخلوا المشرحة شاهدوا الجثة، ولكن بعد أن تم تكفينها وبالتالي لم يستطيعوا إلا رؤية الوجه، ولم يتمكنوا من التأكد من وجود آثار ضرب أو تعذيب على الجسم.
أنا لم أتمكن من الذهاب للمشرحة ولم أذهب لسجن مصر الجديدة. وأعلم أيضا أن الضحية له بالفعل سابقة سرقة. ولا أستطيع أن أنفي أن هذه الواقعة بدأت بالفعل بمحاولة سرقة المحل.
ولكن حتى ولو سلمنا بهذا الاحتمال جدلا، فلا يمكن بحال أن نقبل بأن ينتهى بحال المتهم، أيا كانت التهمة المتهم بها، أن يقتل غيلة في الحبس.
لا أستطيع أن أقبل رواية الشرطة والنيابة بأن هذا الشاب مات منتحرا بأن شنق نفسه.
الداخلية ما زالت تمارس أعمالها الدموية.
ونحن لن نتخلى عن مطالبنا بضرورة إعادة هيكلة هذه الجهاز العفن ومحاسبة هؤلاء الضباط الذين يسترخصون حياتنا ويقتلونا بلا رادع