نُشر في فيسبوك في ١٢ ابريل ٢٠١٣
من مركز النديم: ترجمة مقال الجارديان الثاني: أوامر لأطباء مصريين بإجراء العمليات للمتظاهرين دون مخدر
حصري: تقرير رئاسي مسرب يوصي بالتحقيق مع أعلى قيادات في القوات المسلحة
باتريك كينجزلي ولويزا لافلاك في القاهرة
جريدة الجارديان، الخميس 11 أبريل 2013
صدرت أوامر لكبار الأطباء في القوات المسلحة بإجراء العمليات دون مخدر للمصابين من المتظاهرين ضدالحكم العسكري وذلك في مستشفى عسكري بالقاهرة، وذلك حسب نتائج تحقيق أمر به الرئيس محمد مرسي. كما يدعي التقرير الذي تناول ممارسات الجيش والشرطة منذ عام 2011 أن الأطباء والجنود وأعضاء الفريق الطبي اعتدوا على المتظاهرين داخل المستشفى.
هذه النتائج الخاصة بسلوك الجيش أثناء مواجهات العباسية في مايو عام 2012، هي آخر ما سرب لجريدة الجارديان من تقرير غير معلن يبحث في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر منذ بداية ثورة2011 التي أزاحت حسني مبارك. وقد أشارت تسريبات سابقة إلى تورط الجيش في عمليات تعذيب وقتل واختفاء قسري خلال الثورة.
الفصل الجديد يتضمن شهادات أطباء ومتظاهرين بشأن معاملة المتظاهرين المصابين في مستشفى كوبري القبة العسكري في القاهرة في شهر مايو 2012.
يدعي الفصل أن طبيبا عسكريا ذا رتبة عالية أمر مرؤوسيه بإجراء جراحات بدون تخدير أو تعقيم على المتظاهرين المصابين، ويضيف أن الأطباء والممرضين وكبار الضباط قاموا كذلك بالاعتداء بالضرب عليهم. وأن رتبة عالية في الجيش أمرت الجنود باحتجاز المتظاهر ينفي “بدروم” المستشفى.
ويخلص الفصل بتوصيات بالتحقيق مع أعلى الرتب في قيادات القوات المسلحة – في تطور شديد الدلالة. ورغم أن التقرير لم ينشر رسميا إلا أن طبيعته كوثيقة رئاسية – بالإضافة إلى صرامة توصياته –يمثل أول اعتراف من قبل الدولة بفظاعة الانتهاكات منذ وخلال ثورة 2011.
تقول هبه مريف، مديرة هيومان رايتس ووتش في القاهرة: “لا مجال للمبالغة في أهمية هذا التقرير. إنه تقرير في غاية الأهمية. حتى اليوم لم يكن هناك أي اعتراف رسمي من الدولة بالاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة أو الجيش. ودأب الجيش على القول بأنه وقف إلىجانب المتظاهرين وأنه لم يطلق رصاصة واحدة عليهم. هذا التقرير هو أول سابقة تحمل أي إدانة رسمية لمسئولية الجيش عن التعذيب أو القتل أو الاختفاء”.
حسب تصريحات طبيب مناوب في المستشفى، حجبت هويته في هذا التقرير: “أطباء الجيش والجنود وأعضاءالفريق الطبي في المستشفى اعتدوا على المتظاهرين بواسطة الضرب المبرح والإهانة اللفظية”.
واستطرد قائلا أن أحد كبار ضباط الجيش “أمر الأطباء بعدم استخدام أي نوع من التخدير أثناء العلاج أو عمل الغرز الجراحية. كما أمرهم بعدم تنظيف الجروح.”
كذلك ادعى الطبيب أن مسئولا عسكريا ذا رتبة عالية اعتدى على المرضى المصابين “ثم أمر جنوده باحتجازهم في بدروم المستشفى”. وقد دعمت شهادته بواسطة إفادات متظاهرين مصابين تلقوا علاجهم في مستشفى كوبري القبة في ذلك اليوم. وباستخدام سجلات المستشفى أكد المحققون أن جميع الشهود كانوا فعليا متواجدين خلال فترة الأحداث المدعى بها.
قال أحد المدافعين عن حقوق الإنسان أن أفعال الجيش المدعى بها كانت أقرب إلى جرائم الحرب، كما تعرفها اتفاقيات جنيف.
يقول كريم الناره، الباحث في مجال العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية “إن النتائج التي تقول بحدوث تعذيب في مستشفى عسكري وأن رتبا عالية من الأطباء العسكريين أمروا مرؤوسيهم بإجراء الجراحات دون مخدر هو أمر أكثر من مريع. لو أن ذلك حدث في سياق الحرب، أو مع أسرى الحرب، لاعتبر جريمة حرب. إنه انتهاك جسيم لأسس أخلاقيات مهنة الطب في أي سياق، ناهيك عن سياق مظاهرة حيث كان الجيش يواجه متظاهرين من نفس البلد.”
اندلعت مواجهات العباسية في مايو 2012 – وهي ثاني أكبر الاضطرابات التي حدثت في المنطقة خلال أقل من عام – نتيجة لمظاهرات ضد الديكتاتورية العسكرية التي تلت سقوط مبارك. في العباسية يقع مقر وزارة الدفاع المصرية وكانت مركزا للاحتجاجات خلال فترة الحكم العسكري. وقد أسفرت احتجاجات مايو 2012 عن وفاة اثنين وإصابة ما يقرب من 400 أثناءالمواجهات بين المتظاهرين والجنود.
لكن التقرير يستخدم أدلة بالفيديو ليدعي وجود طرف ثالث في المواجهات: “البلطجية” مدفوعين من الجيش لاختراق وتشتيت والإضرار بالمتظاهرين. “تمكنت اللجنة من التأكد من وجود تواطؤ بين قوات الأمن والجيش والبلطجية” هكذا ورد في التقرير الذي استخدم عددا من الصور والشهادات وتسجيلات الفيديو تظهر البلطجية وهم يتناولون طعاما من الجيش ويتنقلون في سياراته ويضحكون مع ضباط الجيش. “نريد أن نبقى معا” هكذا قال احد المسئولين لبلطجي على حين كان آخر يقود سيارة عسكرية، وهي لقطة – حسب التقرير – “لا تترك مجالا للشك أن البلطجية المدنيين كانوا يتحركون بأوامرعسكرية”.
عبرت لجنة الستة عشر عضوا التي كتبت التقرير – والتي ضمت محامون ومنظمي حملات وأقارب الضحايا وأفراد من السلطة القضائية – عبرت عن خيبة أملها من عدم الإعلان عن التقرير عبر القنوات الرسمية. حيث قدم الملف – الذي يضم حوالي 1000 صفحة – إلى الرئيس في يناير، لكن أحد المتحدثين باسم مكتبه قال للجارديان يوم الأربعاء أنه لم يطلع عليه بعد لأنه لا زال قيد التحقيق بواسطة النائب العام.
يقول محسن بهنسي، محامي قيادي في حقوق الإنسان: “هذا التقرير لا يتم التعامل معه كما ينبغي. هناك أدلة جديدة تستدعي التحقيق فيها لكن أيا من ذلك لم يحدث.”
وتقول هبه مريف “هذه التسريبات تكشف حقيقة يبدو أن الرئيس كان يتمنى أن ينساها الناس. يجب على الرئيس أن يعلن عن هذا التقرير. يجب أن ينشر كي تصبح له الصفة الرسمية.”
أحد المتحدثين باسم مستشفى كوبر القبة رفض الاستماع إلى الادعاءات حين اتصلت به جريدة الجارديان كمارفض إمدادها بأي وسائل تواصل تسمح للجريدة أن تخاطب المستشفى كتابة.
كما أن الجيش المصري لم يرد على أي مراسلات بالفاكس أو البريد الاليكتروني للتعليق على الادعاءات، كمارفض متحدث باسم المكتب الإعلامي للقوات المسلحة أن يعلق أو أن يمد الجريدة بأي طريقة للتواصل مع قطاعات أخرى من الجيش