Press "Enter" to skip to content

الأرشيف المصري يدار بنظرية أمنية قاتله ..وطريقة التعامل الحكومي أدت لإنهياره

نُشر في “البديل” في ٩ نوفمبر ٢٠١٠

كتب – أحمد حامد :

قال  د.خالد فهمي رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة  خلال ندوة “سياسات الأرشيف” إن النظرة الأمنية التي يتعامل بها “الأرشيف المصري” مع طالب المعلومة أو الوثيقة التاريخية قاتلة للبحث و الإبداع ، فرغم عدم وجود أي نص في قانون “دار الوثائق القومية” حول التصاريح الأمنية التي علي الباحث ان يحصل عليها من أجل الإطلاع علي الوثائق الا أن أي باحث يدخل الي مبني دار الوثائق سيشعر بالقبضة الأمنية الخانقة للمكان ، قبضة تبدأ من العاملين في قاعات البحث الذين يفاجئون الباحث بإستجواب حول سبب طلبه للوثيقة و لماذا يريد البحث في هذا الموضوع  وصولا الي طلب التصاريح من جهات مختلفة  من أجل إتاحة هذه الوثائق للباحث في  أجواء لا تشجع الباحثين الذين من المفروض ان عملهم مرتبط بالارشيف .

ولفت فهمي إلى انهيار  الأرشيف الحي بمصر مشيرا الى الكثير من الحوادث التي كشفت عدم الإهتمام بالأرشيف الموجود بالوزارات و المؤسسات الحكومية وكشف فهمي عن أن  المفاوضين الفلسطينيين عندما طلبوا الإستعانة بأرشيف وزارة الخارجية المصرية الذي يعد من أفضل الأرشيفات الحكومية ، فوجئوا بعدم وجود وثائق كافية توثق لفترة مفاوضات السلام .

و قارن فهمي بين الأرشيف الحالي والأرشيف المصري الخاص بفترة ما قبل الثورة موضحا أن الأخير كان  يتسم بالدقة نتيجة وجود أرشيفات حية قوية موجوده بالمؤسسات المصرية تسجل الأحداث بدقة  و وضوح ، فتاريخ العسكرية المصرية أيام محمد علي محفوظ بدقة في دار الوثائق حتي الهزائم و الإنسحابات موثقة و المخاطبات بين القادة و من أبرزها رسائل محمد علي الي أبنه إبراهيم باشا و هو علي الجبهة  وجميعها موجودة في دار الوثائق المصرية .. و لكننا عندما نبحث اليوم عن قرار إنسحاب الجيش المصري في يونيو 1967 فإننا لن نجد اي قصاصة ورق توثق للإنسحاب و بالتالي لا نستطيع ان نقول بشكل موثق إنه قد صدر أصلا قرار بالإنسحاب و إذا كان قد صدر فهل صدر بشكل مكتوب ام شفهي ؟

و  كذلك لا يوجد اي رسائل توثق لردود أفعال متعلقة بقرار الإنسحاب علي سبيل المثال و لذلك يلجا الباحث المصري في مثل هذه الحالات إلي أرشيفات أخري و من هنا تأتي الخطورة حيث إننا نكتب تاريخنا بارشيف الاخر و احيانا بارشيف العدو وبالتالي فإن الخطر الحقيقي علي الأمن القومي هو عدم إتاحة الوثائق المصرية للباحثين المصريين حتي لا يكتب التاريخ بوثائق العدو او الآخر في أحسن الأحوال .

و واوضح  فهمي  إن الأرشيف المصري يحتاج إلي قانون لحرية تداول المعلومات يعاقب الموظف العمومي الذي يحجب المعلومة عن المواطن في خلال يومين أو ثلاثة لان الأرشيف وهو ما يحدث  في أغلب بلاد العالم فالأرشيفات تكون متاحة  للجميع طلبة المدارس ،و الصحفيين و الادباء  و حتي من يحبون تضييع الوقت و التسلية فمن حق أي انسان ان يعرف التاريخ

يضيف فهمي إن هذا الجو الأمني يكبت تطور البحث التاريخي ، لان البحث التاريخي لا يكتب فقط بايدي اساتذة التاريخ لكن الصحفيين كذلك  كثيرا ما يحتاجون الخلفيات التاريخية في مواضيعهم الصحفية و كذلك الأدباء و كل هؤلاء غير متاح لهم الأرشيف و لا يتم تشجيعهم للإستعانه به .

وقدم فهمي قراءة مختلفة لسرقة لوحة زهرة الخشخاش قائلا أن الفضيحة من وجهة نظرة لم تكن في سرقة اللوحة “في عز الظهر” من متحف محمود مختار الذي يقع امام “قسم شرطة الدقي”، و إنها قد سرقت من قبل و لكن الفضيحة الكبري التي كانت تستوجب المسائلة منذ زمن هي إن عدد زوار المتحف في يوم السرقة  كانوا سبعة زوار فقط  .

و أرجع د.خالد هذا الي أن إداريي الأماكن الثقافية بمصر يعملون  كحراس علي العهدة التي هي عبارة عن مخازن للمحتوي الثقافي أكثر منهم مديرين لعملية ثقافية تهتم بالـتأثير في الجمهور و إستقطاب أكبر أعداد ممكنه من الجماهير للتعرض للمنتج الثقافي سواء كان وثائق او كتب او لوحات فنية لكي يتفاعلوا معها .

يذكر أن  الندوة تأتي  في إطار إستضافة جاليري التاون هوس لمكتبة بدون و هي عبارة عن مكتبة متنقلة تضم مجموعة غير مكتملة من الكتب و الدوريات و الكتالوجات و المتعلقات التي تمثل خمسين عاما من المطبوعات و المقتنيات  في الشرق الاوسط  .. تم تأسيس هذه المكتبه بدعم من مؤسسة فنون بـ ابوظبي و زارت دبي ، بيروت ، نيويورك و هي الان بالقاهرة حتي  منتصف نوفمبر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.