Press "Enter" to skip to content

حرب اكتوبر ووثائقها

نُشر في فيسبوك في ١٣ ابريل ٢٠١٣

منذ يومين، وبعد أن رفعت هنا في فيسبوك مقالي الأخير المنشور في الشروق عن ضرورة الإفراج عن وثائق حرب أكتوبر ووثائق حروبنا الأخرى، توالت التعليقات الجيدة والغنية، وكان من أهمها تعليق لوسيم وجدي.

لم يسعدني الحظ بمقابلة وسيم أو التعرف عليه إلا هنا في فيسبوك، ولكني سعيد جدا بهذه المعرفة وبعهذا التعارف الجديد، فآراؤه وتعليقاته من أجمل وأدق ما تلقيت منذ بدأت الكتابة هنا منذ سنتين ونصف.

وسيم كتب تعليقا جديدا، أقرب للمقال الصحفي الرصين منه لتعليق سريع على فيسبوك، أعيد نشره هنا لتعم الفائدة.

شكرا يا وسيم على إسهاماتك وتحية خالصة لك ولموقفك الصادق والشجاع.

تعليق وسيم وجدي:
شكرا جزيلا لكل من علق على رأيي إما بالإيجاب أو السلب، وشكرا لخالد فهمي لوضعه تعليقي الصغير على صفحته. أنا لن أناقش الآن أي تفاصيل لإني قررت أن أكتب مقالا طويلا أو دراسة عن أكذوبة نصر أكتوبر لما أبدته التعليقات من اهتمام بالموضوع ولأني مقتنع تماما أن هذه الأكذوبة تقع في القلب من خطاب هيمنة الدولة علينا جميعا وآن أوان كشف زيفها. ولكني هنا سأضع بعض رؤوس الأقلام: 1) من يعرف تفاصيل الهزيمة في الجزء الثاني من حرب أكتوبر ولا يزال يتعبرها انتصارا أو “تعادلا” أو نصرا منقوصا كما كتب في الكثير من التعليقات فإنه في الواقع دون أن يدري يقلل من شأن جيشنا وشعبنا. لسان حاله يقول: نعم النتائج النهائية كانت سيئة ولكننا بمعنى ما “أدينا أداء مشرفا” وانظر إلى العبور. لا، إن مثلي، من يؤمنون بعظمة وقدرة الشعب المصري لا يعتبرون أقل من تحرير الأرض وهزيمة جيش الاحتلال نصرا. 2) إن الحروب، مثلها مثل كل الأعمال، بخواتيمها وليست ببدايتها. فبالتأكيد جاءت عمليات العبور وتحطيم خط بارليف في الأيام الأولى من الحرب انتصارا مبهرا وعظيما، ولو كان استمر الأداء على هذا الحال لكانت فعلا حرب أكتوبر نصرا عظيما، ولكنه لم يستمر. 3) أحد آليات تمرير أكذوبة أكتوبر، ولعلنا جميعا نلاحظ ذلك إن فكرنا في الأمر ثانية واحدة، هو تقليص الحرب كلها في هذه المعركة. فنقول “بطل العبور” (في حين أن العبور ما كان إلا مفتتح الحرب)، ونقول حرب 6 أكتوبر، في حين أن 6 أكتوبر كان يوم بداية الحرب. لماذا لا نقول حرب 24 أكتوبر؟ لأن القيادة السياسية الفاشلة استسلمت في 24 أكتوبر وأعلنت “قبول وقف إطلاق النار”. نحن الذين دعونا إلى وقف إطلاق النار، لا إسرائيل. ولذلك وجب غرس “العبور” فقط في الوعي الشعبي باعتباره الحرب بأكملها. وهذا خداع بين. 4) بعد العبور ونتيجة لإدارة السادات للحرب كأنها حوارا مع أمريكا (وبالذات هنري كيسنجر) تلقى الجيش المصري وابلا من الضربات الموجعة التي عكست تأثير العبور واتجاهه. ولأول مرة يعبر الجيش الإسرائيلي قناة السويس إلى الغرب ويتجه إلى الإسماعيلية والسويس والقاهرة!!!!!!!!!!!! شيء لا يصدقه عقل! نحن نتحدث عن “عبور قناة السويس” باعتباره نصرا. ولماذا لا نذكر سماح السادات بإدارته الفاشلة ومعارضته لسعد الشاذلي للجيش الإسرائيلي أن يطأ بقدمه غرب القناة! ويقول القائلون بإن المعركة كانت دائرة بشكل جيد ثم “حدث الثغرة”. وهذه أيضا آلية أخرى للتعمية والتغمية. فدعونا نسأل أنفسنا هل نقول “فحدثت الفجوة” “فوقعت التلة” “فحصلت الهضبة”؟؟ هذه هي الكلمة التي تم استئصالها من عبارة مؤلمة تحوي الحقيقة، هي: ثم عبر الجيش الإسرائيلي من سيناء إلى البر الغربي للقناة من خلال ثغرة بين الجيشين الثاني والثالث وأصبح لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يمكنه السير إلى القاهرة. 5) مرة أخرى نتيجة لسوء الإدارة السياسية للمعركة ترك السادات مدن القناة دون حماية. فدعونا نتذكر أننا في 24 أكتوبر من كل عام نحتفل بعيد المقاومة الشعبية في السويس. وذلك احتفالا بتصدي أهالي السويس العزل للجيش الإسرائيلي الذي غزا المدينة فاستطاع البواسل من أهلنا في السويس صد بعض القوات على مشارف المدينة وتدمير الجزء الذي دخل. والسؤال الجلي الواضح الذي يطرح نفسه علينا جميعا كل عام دون أن ننتبه له هو: وأين كان الجيش المصري؟ ماذا يعني في الحرب أن الشعب المدني نفسه هو الذي اضطر أن يحمي نفسه من القوات المسلحة للبلد المعادية؟ (هل هذا أيضا جزء من النصر أو التعادل). التعادل في هذه الحالة أن يكون جيشنا على مشارف تل أبيب! 6) دعونا أيضا نتذكر أن مفاوضات فض الاشتباك جرت في الكيلو 101 طريق القاهرة السويس. نعم! التقى الجيشان للتفاوض في المسافة بين السويس والقاهرة!!!!! وبالمناسبة ذهب الجمسي 3 مرات إلى مكان الاجتماع ورفض الإسرائيليون دخوله (هذا في مصر) ثلاث مرات، وكل مرة يبرق السادات لكيسنغر ويشتكي. وفي المرة الأخيرة سمحوا له بالدخول بعد أن أتى بجاسوس إسرائيلي كان في السجون المصرية. كان هذا تعمدا غريبا، يمتاز به الصهاينة على غيرهم، للإذلال. التعادل هنا كان أن يكون جيشنا على مشارف تل أبيب معسكرا ويأتي إليه موشي ديان ثلاث مرات ونرفض دخوله المعسكر حتى يتوسط له هنري كيسنغر، فحتى عندئذ نطالبه أن يأتي معه بجاسوس مصري مقبوض عليه في إسرائيل، ويفعل. 7) لمعرفة مقدار الخطر الذي كان نظام السادات سيتعرض له (من ناحية قيام ثورة شعبية ضده أو على الأقل انقلاب عسكري) في حالة انفضاح التطورات على الجبهة وكيف اضطره هذا إلى نسج واحدة من أكبر الأكاذيب، علينا فقط أن نعرف أنه اضطر حتى لمخادعة جيشه نفسه أثناء الحرب وفضل هذا على إخبار جنوده وضباطه الصغار بالحقائق العسكرية على الأرض. لقد أخفى السادات عن الجيش عبور الجيش الإسرائيلي إلى غرب القناة. ونتيجة لهذا مثلا تمكن القوات الإسرائيلية من أسر المئات من الضباط والجنود المصريين غرب القناة. نعم. أسرى مصريون وقعوا في يد إسرائيل غرب القناة. ومن نتائجه أيضا أن مدرعات إسرائيلية ذهبت لتدمير ميناء الأدبية في السويس ورآها الضباط والجنود قادمة فكانوا يحيونها على أنها مصرية حتى اكتشفوا هول المأساة في آخر لحظة!!! لأن القيادة السياسية رفضت أن تقول لهم إن هناك قوات إسرائيلية غرب القناة. من يفعل هذا لجيشه في المعركة يفعل أسوأ منه آلاف المرات لشعب بأكمله.أن لن أخوض في المزيد من التفاصيل إذ أن هذا التعليق قد بدأ بالفعل يأخذ شكل وحجم مقال، ولكني سأنهي بنقاط قصيرة: 1)حرب أكتوبر وما حدث في بدايتها من نص
ر تكتيكي مبهر وتحوله إلى هزيمة مشينة يدل على شيء واحد: عظمة الشعب المصري، عظمة مقاتلية، عظمة ضباطه الصغار الذين ابتكروا واخترعوا وقادوا على الأرض، وفي الوقت ذاته خسة القيادة السياسية لهذا الجيش وهذا الوطن. 2) علينا أن نغلع الغماية من على أعيننا ونرى الواقع، حتى وإن كان موجعا، بل بالأخص لو كان موجعا، حتى نستطيع أن نتعلم من تاريخنا، ونعرف كيف ننتصر. 3) إن حكم هذا النظام الذي ثرنا عليه، ولانزال نخوض ثورتنا ونعمقها، قد حكمنا بالأكاذيب وعلينا كجزء من هذه الثورة كشفها وفضحها. فلمن لا يعرف المعلومات عن حرب أكتوبر أن ينقب عنها ويعرفها، ويقرأ مثلا مذكرات قائد المعركة العسكرية الناجحة الفريق سعد الشاذلي الذي سجنه مبارك 3 سنوات لأنه “أفشى أسرارا عسكرية” في مذكراته. وبالمناسبة كل المعلومات أعلاه واردة في هذه المذكرات. واعتبرها نظام مبارك “إفشاء للأسرار العسكرية” لا تأويلا أو تزييفا. ولمن يوجعه أن يعرف أننا هزمنا في نهاية المطاف أن ينظر إلى الأماما ويعمل من أجل انتصار الثورة حتى لا يحدث لنا المزيد من المصائب (التي حتى لا نعلمها).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.