نُشر في “فيسبوك” في ١٢ ابريل ٢٠١٥
تعليق لسه كاتبه على صفحة أشرف الشريف اشتباكا مع مقالة معتز عبد الفتاح الأخيرة :
الحقيقة أنا معجب بمقالة معتز، مش لأني متفق معاه في الرأي ومش لأني مش شايف ال انتم شايفينه في المقالة من أخطاء تاريخية وتسطيح، ولكن لأني شايفها معبرة عن اتجاه محافظ هو عنوان اللحظة التاريخية ال مصر بتمر بيها دا الوقت.
ممكن طبعا نقول حاجات كتيرة عن السيسي، ولكني اعتبره أحسن تمثيل للتيار المحافظ دا ال بيتشكل قدام عيوننا، تيار بيؤمن بأفكار زي: احترام الجيش وتقديسه وتخوين أي حد بيتساءل عن أدائه، إعلاء قيم الأمن والاستقرار على الحقوق والحريات، احترام مؤسسة الأسرة، اختزال المرأة في دورها كأم وزوجة والتهوين والتحقير من أي خطاب نسوي، احترام أصحاب الخبرة وكبار السن واحتقار الشباب والتهوين من دورهم، الإيمان بتقاليد وعادات اجتماعية متوارثة والعمل على حمايتها وصونها، الاعتماد على الإعدام كعقوبة رادعة، الإيمان بدور مركزي للدين في الحياة العامة. مقال معتز، زيها زي كتابات تانية ظهرت مؤخرا من كتاب كنا نظنهم يساريين، هي في الحقيقة تعبير عن اتجاه يميني محافظ بيتشكل بوضوح قدام عيوننا. الرجوع لهوبز وتنظيراته عن الدولة مثال واضح للتيار المحافظ دا. فالدولة هنا بتظهر بشكل مقدس، خارج التاريخ، وكوحدة مش محل تساؤل أصلا.
ممكن طبعا نختلف مع الأفكار دي، وممكن حتى نحتقرها ونستخف بيها. لكن أظن إنها أفكار لازم نشتبك معاها سواء كتبها واحد زي معتز أو غيره من أصدقائنا ورفقائنا السابقين ال تخلوا عن يساريتهم اعتقادا منهم إن كينونة الدولة ذاتها محل تساؤل. أنا مش قصدي الاشتباك مع معتز أو غيره من الكتاب اليمينيين الجدد دول شخصيا، ولكن الاشتباك مع الأفكار دي بغرض توضيح الأمور وبلورتها للرأي العام.
الناس بتقرا، كتير منها متلخبط، والأغلبية خايفة. والكتاب اليمينيين الجدد دول بيشتغلوا على مشاعر الخوف والقلق ال مسيطرة علينا كلنا. دي مشاعر حقيقية وعميقة ولازم نحترمها. مين مننا مش خايف على البلد من الأخطار المحدقة بيها من كل ناحية؟ لكن دورنا مش الاستسلام لمشاعر الخوف دي، والسماح ليها إنها تطلّع أسوأ ما فينا: الريبة، والشك، والاستعلاء على الناس ال بنختلف معاهم، وغض الطرف عن الأهوال ال بيتعرضوا ليها باسم الأمن وباستخدام القانون.
دورنا، في المقابل، لازم يكون إننا نوضح إن التصور دا عن الدولة ال اليمينيين الجدد دول بينظّروا له، هو، في الحقيقة، مكمن الخطر: الدولة ال بتضحي بقيم العدالة والقانون علشان تحافظ على الاستقرار، والدولة ال بتتجاهل الشباب وبتحتقرهم على أساس إنهم بيكرهوا مصر وما بيقدموش ليها حاجة، والدولة ال مش عايزة تدي الناس حق مراقبة مؤسساتها، والدولة ال مهتمة بس بتحقيق نمو اقتصادي من غير تنمية تلمس حياة المواطنين، والدولة ال بستهون بالحريات والحقوق بدعوى إن دا مش وقته – الدولة دي دولة بتحكم على نفسها، مش بس على المجتمع، بالفشل والانهيار.