نُشر في “فيسبوك” في ٧ يونيو ٢٠١٥
بمناسبة ذكرى مظاهرات التنحي يومي ٩ و ١٠ يونيو ١٩٦٧ وبوست أشرف الشريف من يومين عن الموضوع دا (ال ناشره أنا أسفل هذا البوست) ومقالة بلال فضل المهمة ال نشره النهار دا عن نفس الموضوع حبيت أكتب كلمتين عن الموضوع.
طبعا سؤال “هي المظاهرات دي كانت عفوية ولا منظمة؟” سؤال مهم وحيوي، وطبعا أحسن من حللها هو شريف يونس في كتابه الصغير “الزحف المقدس“، وهو تحليل ياخدنا لأبعد من فعاليات اليومين الفظيعين دول ويحثنا على التفكير في الأسباب الهيكلية ال خلت الناس تحس بالعجز واليتم والضياع.
لكن هل السؤال دا هو السؤال الوحيد ال ممكن نطرحه على أحداث الأيام السودا دي؟ هل يمكن طرح أسئلة تانية غير سؤال “هي المظاهرات كانت عفوية ولا مدبرة؟”
أظن إن الإجابة: “أيوة”.
أظن إننا لازم نسأل “ليه لحد النهار دا ما اتعملش تحقيق وافي وشامل لأسباب الهزيمة؟ ليه لحد النهار دا ما اتفحتش سجلات الجيش الرسمية علشان نعرف، من واقع المستندات مش من واقع الذكريات الشخصية، الأسباب الهيكلية ال أدت لأفدح هزيمة عسكرية مُنينا بيها في تاريخنا الحديث، وال للسا عايشين آثارها لحد النهار دا؟”
وعلشان أوضح ال أقصده أحب أضرب مثل من الحرب العالمية الأولى.
طبعا معروف إن بريطانيا طلعت منتصرة في الحرب دي ال بدأت في أغسطس ١٩١٤ وانتهت في نوفمبر ١٩١٨.
لكن في السنة الأولى من الحرب الأداء العسكري البريطاني كان سيئ جدا، فبالإضافة إلى النكسات المتتالية في الجبهة الغربية (في شمال فرنسا)، القوات البريطانية (ال هي في الحقيقة كانت قوات الإمبراطورية البريطانية وال جُلبت من كل أصقاع المعمورة: أستراليا، ونيوزيلاندا، والهند، وكندا، وإنجلترا، واسكتلندا، وأيرلندا) القوات دي منيت بهزائم مروعة في سنة ١٩١٥ والنص الأول من سنة ١٩١٦.
ففي أبريل من سنة ١٩١٥ قوات الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وروسيا) قرروا يفتحوا جبهة تانية في الدردنيل (جنوب اسطنبول) وتحديدا في شبه جزيرة جاليبولي. عشرات الآلاف من الجنود الأستراليين والنيوزيلانديين وصلوا مصر في ربيع ١٩١٥ استعدادا لتوصيلهم للجبهة الجديدة دي، ولكن بعد معارك ضارية نجحت القوات العثمانية في الدفاع عن مضيق الدردنيل وإفشال خطة الحلفاء في الاستيلاء على اسطنبول.
المعارك دي كانت نتيجتها انتصار ساحق للعثمانيين في يناير ١٩١٦ وانسحاب قوات الحلفاء بعد ما تكبدوا ١٤٠ ألف قتيل.
برضه في الشهور الأولى من الحرب، لكن المرة دي في بلاد الرافدين، البريطانيين انهزموا هزيمة منكرة. فبعد استيلاء البريطانيين على البصرة في نوفمبر ١٩١٤ والوصول للمدائن (أو سلمان باك) عاصمة الساسانيين جنوبي بغداد، العثمانيين عملوا هجوم مضاد، وأجبروا البريطانيين على الانسحاب لمدينة الكوت. وهناك ضُرب حصار استمر شهور طويلة (من ديسمبر ١٩١٥ لأبريل ١٩١٦) وانتهى باستسلام البريطانيين يوم ٢٩ أبريل ١٩١٦ بعد ١٤٧ يوم من الحصار، ومقتل ٥ جنرالات، و٤٠٠ ظابط، و١٣ ألف جندي.
الهزيمتين دول، هزيمة الدردنيل وهزيمة الكوت، أصابوا المجتمع الإنجليزي بالذهول، وهزوا النخبة العسكرية/السياسية البريطانية. الرأي العام كان متذمر بشدة وبيطالب بمعرفة المتسبب في الهزائم دي. ونتيجة للضغط الشعبي قرر رئيس الوزراء، آسكويث، إنه يفتح تحقيق جدي وشامل، والبرلمان أصدر قانون بإنشاء لجنتين للتحقيق.
اللجنة الأولى، لجنة الدردنيل، بدأت عملها يوم ١٨ يوليو ١٩١٦ وترأسها اللرد كرومر (بتاعنا) لحد ما مات في يناير ١٩١٧، وبعدين أعقبه سير ويليام بيكفورد، وقدمت تقريرها في سنة ١٩١٩.
واللجنة التانية، لجنة بلاد الرفدين، بدأت عملها يوم ٢١ أغسطس سنة ١٩١٦ برئاسة اللورد جورج هاميلتون، وقدمت تقريرها يوم ٢٧ يونيو ١٩١٧.
نتيجة التحقيقات دي كانت صادمة. لورد كورزون، الحاكم السابق للهند، قال تعليقا على نتائج لجنة بلاد الرافدين “يؤسفني أن أقول إني عمري ما شفت إهمال أو فشل حكومي على هذا المستوى من وقت حرب القرم (سنة ١٨٥٦).”
وكان من نتيجة التحقيقات دي إن وسنتون تشرشل، وزير الأسطول وصاحب فكرة فتح جبهة تانية في الدردنيل، اضطر إنه يستقيل. بالإضافة لأوستين تشامبرلين، وزير الدولة للهند، المسئول عن حصار الكوت المهين، اضطر هو كمان إنه يقدم استقالته، دا بالرغم إن لما اتنشر تقرير لجنة بلاد الرفادين في يونيو ١٩١٧ كانت بريطانيا عرفت تعوض خسائرها وكانت استولت بالفعل على بغداد.
الشاهد في الموضوع إن ما حدش قال إن دا مش وقته وإننا وسط حرب وما ينفعش نعمل تحقيق في الهزائم دي علشان العدو ما يشمتش فينا. بالعكس، المتابع للجرايد والمجلات ومناقشات البرلمان يعرف إن الرأي العام الإنجليزي، زيه زي النخبة السياسية والعسكري، كانوا مدركين إن الطريقة المثلى للتعامل مع الهزائم دي هو بالمواجهة والمكاشفة، وإن أحسن طريقة للإنتصار هو معرفة أسباب الهزائم دي وإجبار المسئولين عنها إنهم يدفعوا تمن فشلهم.
آخر نقطة: تمن الفشل مش بالضرورة يكون مشانق في الميادين العامة فزي ما هو معروف تشرشل ما اتشنقش في ميدان الطرف الأغر في لندن ولا حاجة. صحيح استقال، وبقي وزير بلا حقيبة في الوزارة، لكنه رجع وبعنف للساحة السياسية بعد ما نزل الانتخابات البرلمانية وكسب.
بوست أشرف الشريف على “فيسبوك” يوم ١ يونيو ٢٠١٥:
قالك بيان عاجل من اجهزة الداخلية و طلع البيان يقول ان الاخوان ضد خارطة الطريق و يتآمرون ضد الدولة من سنة ٢٠١٣ و اي كلمتين في رغيف..ياختشي كميلة 🙂…
فين زمن البيانات العاجلة الجميل؟ بعد بيان التنحي بتاع سياتزعيم الخالد جمال عبد المتعال يوم ٩ يونيو١٩٦٧ و ما تلاه من مظاهرات شعبية عجيبة من نوعها قام بتحليلها بدقة شريف بقدونس (قبل ما يتجنن) في كتابه الزحف المقدس ، البلد كلها قامت علي رجل و يقال ان سياتمشير عبحكيم تامر قعد يجعر و ينعر و يخبط علي الارض و يقول ماليش دعوة انا لازم اطلع بيان انا كمان زي بيان جمال (داخل كل طاغية هناك طفل بضين ممل و معفن) و اتصل بالإذاعة عشان يذيعوا البيان فقالوا له ان الزعيم القائد مدي تعليمات انه حيختفي و ان محمد حسنين شيكل روح التاريخ لازم يوافق علي اي حاجة تتقال في الاعلام في غيابه ..سياتمشير حاول يتصل بسياتزعيم بس التاني كان اختفي بالفعل بيفسي في مكان ما…فاتصل بشيكل ، و شيكل (كأي إرادة تاريخ دولة هيجلية أصيلة موتمنة علي حقائق الجغرافيا و احكام التاريخ) قاله اترزي بقي و اتنيل علي عين اهلك ، مش فايقين لكس أمك دلوقت يا ابن المرة التافهة …سياتمشير قعد يرغي و يزبد زي مرضي الصرع لكن شيكل صمم علي موقفه و في النهاية لم تتم إذاعة بيان سياتمشير العاجل و اللي محتواه اصبح لغز من الغاز التاريخ لكنه غالبا كان شيء تافه زي صاحبه و اترحمنا منه…
نفتقد لحكمة أمثال السيد شيكل الان……
من ارشيف دولة عصابة الجولدن فنجنز