نُشر في “فيسبوك” في ٢٧ سبتمبر ٢٠١٥
كعادتها، تقدم لنا سارة صبري أفكارا ومعلومات في غاية الأهمية عن العشوائيات ليس فقط في القاهرة الكبرى، وإنما أيضا في سائر مدننا. في هذا المقال تقدم سارة مجموعة من الأسئلة عن عدد السكان القاطنين في أحياء غير مخططة، وعن توزيعهم الطبقي، ونوعية المرافق التي يتمتعون بها (أو محرومون منها). سارة تنبهنا إلى أهمية التعداد الذي سيتم إجراؤه العام القادم، ٢٠١٦، وضرورة انتهاز هذه الفرصة لتلافي أخطاء التعدادات السابقة التي لم تستطع تقديم معلومات مفصلة عن “العشوائيات”: عددها، وتوزيعها الجغرافي، وعدد قاطنيها، إلخ. وتقترح إضافة خانة في استمارة التعداد لتوضيح ما إذا كانت الأسرة تسكن في حي مخطط أم غير مخطط.
أنا مع سارة فيما ذهبت إليه وأتفق معها في فسلفتها العامة التي تحكم هذا المقال: مشكلة العشوائيات لا تكمن في قاطنيها أو سلوكياتهم، بل في تجاهل أجهزة الدولة كافة لهم، هم الذين يشكلون غالبية سكان الحضر. واتفق معها في أن أول خطوة لتلافي هذا التجاهل الحكومي هو تكوين صورة دقيقة عن هذه المشكلة وجمع إحصائيات وافية عن الأحياء غير المخططة.
اعتراضي الوحيد هو أنني لا أظن أن إضافة خانة لتوضيح ما إذا كان الحي مخطط أم غير مخطط ستحل مشكلة نقص البيانات. فكما نعلم جيدا من تاريخ التعدادات في العالم كله وليس فقط في مصر، التعداد “ينشئ” الظاهرة التي يدرسها ثم يدعي بأنه “يرصدها” فقط. وبمعنى آخر فإن إضافة خانة يُدوَن فيها وصف أسرة ما للحي الذي تعيش فيه ويُوضَح فيها ما إذا كان هذا الحي “مخطط” أم “عشوائي” لن تعطينا سوى انطباع هذه الأسرة عن حييهم وتخيلهم عنه. وأتساءل: ما الذي سنستفيده من هذه الخانة: “مخطط” أو “عشوائي”؟ فكما اقترحت سارة في نفس المقال، العبرة ليست بالكلمة التي سنختارها لتوصيف الحي، بل بتقديم معلومات وافية عن مرافق الحي وخدماته: كم مستشفى أو مستوصف يتمتع به؟ ما هو عدد المدارس فيه؟ كم نقطة شرطة تتمركز فيه؟ ما طبيعة الشوارع وقدر اتساعها، وهل تتسع هذه الشوارع لمرور عربات الإسعاف؟ ما هي أقرب نقطة مطافئ في الحي؟ وأخيرا، وعلشان الناس المتشدقة بالـ”مسطحات الخضراء” و”الوجه الحضاري للمحروسة”، ما هو عدد الحدائق العامة ومساحتها؟ أنا لم أقرأ مسودة استمارة الاستقصاء التي ستوزع على السكان لملئها، ولكني أظن أن هذه الأسئلة موجودة بالفعل فيها. أما إذا لم توجد، فأرى أنه من الأولى إضافتها، فجمع معلومات وافية عن المرافق والخدمات التي يتمتع بها حي ما أهم وأجدى من وضعه تحت خانة “مخطط” أو “عشوائي”.