Press "Enter" to skip to content

جاك شِنكر وتغطيته لثورة يناير

نُشر في “فيسبوك” في ٣١ اكتوبر ٢٠١٥

النهار دا جاك شِنكر كاتب مقالة قوية في الجارديان ضد الزيارة اللي السيسي ناوي يقوم بيها للندن التلات الجاي. في المقالة دي، وبالإضافة لتوضيح الصورة لقارئ الجارديان عن الفظائع اللي ارتكبها نظام السيسي، شنكر بيطرح سؤال أساسي، وأظن إنه السؤال اللي كلنا لازم نفكر فيه: إيه معنى الاستقرار لو تحقق بقتل آلاف المصريين؛ وبإخراس المعارضة والتنكيل بالمعارضين يا إما بالسجن، أو بالتهديد أو بالنفي؛ وبتعميق الأزمة اللي المجتمع بيعاني منها نتيجة تقفيل المجال العام؛ وبالعجز عن طرح حلول حقيقة لمشاكل البلد المستحكمة؟

المهم، أحب بالمناسبة دي أشارككم قصة أول حديث تم بيني وبين جاك شنكر.

كنت ماشي في مضاهرة في شارع التحرير جنب ميدان الدقي، مش فاكر إذا كانت مظاهرة ضد المجلس العسكري ولا ضد مرسي والإخوان. ووسط المظاهرة طسّيت في شنكر، وكنت قابلته قبل كده في قعدة وابتديت أتابع مقالاته في الجارديان وتيقنت إنه أحسن مراسل أجنبي بيكتب عن الثورة. سألني وقتها أنا نازل ليه. قعدت أفكر في السؤال وقلت لنفسي “الراجل دا فاهم مصر أحسن مني، ومتابع اللي بيحصل أحسن من أي صحفي قابلته، فلازم أقدم له حاجة جديدة مختلفة.” رديت عليه وقلت: “أنا نازل اعتراضا على صفاء أبو الأسود”. طبعا مفهمش مين صفاء أبو الأسود دي. فشرحت له قصتي معاها.

“زمان في أواخر السبعينات أو أوائل التمانينات التليفزيون المصري كان بيعرض برامج للأطفال كل يوم جمعة الصبح قبل الصلاة. البرامج كانت مملة تعيسة، لكن ما كنش فيه بديل. وفي برنامج معين لسه معشش في نافوخي ومش قادر أنساه ولا أنسى غضبي منه وإحساسي بالقهر تجاهه. البرنامج كان بيذيع كارتون أجنبي بالإنجليزي، وما كنش فيه ترجمة، لكن كانت المذيعة، اللي أظن إنها كانت صفاء أبو الأسود، بتترجم الكارتون مشهد بمشهد حسب ما تيسر لها فهم الكارتون. وعمري ما هأنسى اللي عملته صفاء أبو الأسود بترجمتها المضللة. “الكارتون كان عن عيلة من البوم عايشة في شجرة. العيلة عيلة مثقفة، الأب لابس بابيونة ومتأنتف آخر أنتفة، والأم شيك زي مدام سارة السري كده، حتى في بيتها اللي ع الشجرة. الأم راقدة على البيض مستنية لما يفقس. وبعد شوية بيضة ورا التانية بدأت تفقس ويطلع منها بوم صغير، طبعا البوم طالع لأبوه مثقف وواخد قلم ف نفسه: أول كتكوت طالع بيعزف كمانجه ولا يهودي مينوهين، وتاني كتكوت طالع تينور زي كاروزو، تالت كتكوت بيعزف فلوت مش فاكر زي مين، ورابع كتكوت… “رابع كتكوت بقى طالع م البيضة بيغني جاز. الأب، بما إنه عامل زي زي عثمان الأرناؤوطي ابن محمد لاظوغلي البيرقدار كاف (في مسرحية أنا فين وانت فين)، أول ما شاف الكتكوت الرابع دا انزعج منه ونبّه عليه إنه مايغنيش أبدا الكلام الفارغ دا، وأجبره على إنه في الشجرة دي ما تنفعش إلا الموسيقى الكلاسيك. وكل مرة يغني فيها الكتكوت دا الأغاني الجاز اللي بيحبها، أبوه يبهدله ويمرمط بكرامته الأرض. “وعلشان الكتكوت مش عاوز يتخلى عن المزيكا اللي بيحبها، وأبوه مش قادر يفهم المزيكا دي ولا يقدرها، فطول الوقت البيت/الشجرة فيها شخط وزعيق. وفي الآخر الأب طرد ابنه م البيت، والكتكوت نزل لوحده يدور على حته يغني فيها جاز. وشوية وعتر على شجرة عاملة مسابقة ف الغناء. طلع الشجرة ووقف في طابور المتسابقين. وطول الوقت دا الأم قاعدة ملتاعة على ابنها اللي جوزها طرده م الشجرة. وشويتين، سمعت ع الراديو برنامج المسابقات اللي ابنها كان مستني دوره فيه. فشدت جوزها من إيده وطيران على مكان المسابقة. وأول ما دخلوا لقوا ابنهم واقف قدام لجنة التحكيم ويغني أحسن ما عنده. وطبعا كسب الجايزة الأولي، وأبوه مش بس هناه على الجايزة إنما وقف وراه يغني معاه أغنية جاز.” دي كانت قصة الكارتون زي ما أنا فهمتها بأصلها الإنجليزي وزي ما أثرت في لأني كنت بدأت أسمع جاز وأهواه. قوم إيه؟ قوم صفاء أبو الأسود تقدم الترجمة التالية: “شايفين يا حبايبي الأب مشغول على مراته إزاي ومستنيها تفقس البيض؟ شايفين مهتمين بتربية ولادهم إزاي؟ إنما يظهر في ولد مش بيسمع الكلام وطول الوقت مدوّخ باباه ومامته. وطبعا هو علشان ما بيسمعش الكلام وعاوز يلعب طول الوقت ومش منتبه لمذاكرته ساب البيت وقعد يدور على أصحاب يلعب معاهم في الشارع. شايفين مامته مشغوله عليه إزاي ومحتارة هو فين؟ وطبعا أول ما سمعته على الراديو خدت جوزها وطاروا سوا علشان يرجعوا ابنهم للبيت. طبعا الولد دا الوقت عرف غلطته وأبوه بعد ما نبهه وقاله ما يسبش البيت تاني من غير إذن، أخده من إيده وحضنه والعيلة رجعت تاني بيتهم، وعاشوا في تبات ونبات.”

حكيت لشنكر القصة دي من أولها لآخرها، وشرحت له ليه أنا نازل الشارع اعتراضا على عقلية صفاء أبو الأسود والتليفزيون المصري اللي حاولوا بكل قوة وإصرار يشوّهوا طفولتي بمزيج من القهر والمديكورتي والهطل والغباء. شنكر بص لي وابتسم، وقال لي إنه فهم. سألني إذا كنت فاكر اسم الكارتون، قلت له “طبعا لأ وبالأمانة أنا مش متأكد إذا كانت المذيعة صفاء أبو الأسود ولا واحدة تانية. إنما أنا متأكد من التفسير الرجعي اللي قدمته، إيا كان اسمها، وإن دا نمط دائم للتلفزيون وتعبير دقيق عن سياسة الدولة المصرية تجاه مواطنيها/رعاياها: هنربيكم، ونحط في دماغكم أهمية إطاعة الأمر، والسمع والطاعة، واحترام الكبار، والتنازل عن ميولكم وأهوائكم، والسير كقطيع ورا الأب.”

خلصت المظاهرة وروحنا بيوتنا. والتليفزيون المصري لسه بيذيع الهباب دا. إنما جاك، لأنه صحفي شاطر، دوّر وبحث، ولقى الكارتون اللي حكيت له عنه من أربع سنين. ومن كام شهر بعت لي إيميل عنوانها

I love to singa

 اتفرجوا واستمتعوا.

http://www.dailymotion.com/video/x2ijkn_i-love-to-singa_shortfilms

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.