Press "Enter" to skip to content

لما التعذيب اتلغى في مصر

في يوم ١٠ ابريل ٢٠١٦، عمرو اسماعيل كتب الكلمات دي على صفحته في فيسبوك:
وصلت دلوقتي للفصل بتاع التحقيق مع ريا وسكينة والعصابة في كتاب صلاح عيسى … مثير جدا للانتباه إن التحقيقات لم تكن تشهد أي تعذيب أو ضغط بدني على المحقق معهم حتى في قضية بحجم ريا وسكينة وبعد اكتشاف بتاع ١٧ جثة في غرفتيهما…على حد علمي إن التعذيب لانتزاع الاعترافات كان هو السائد وكرومر بيحكي في كتابه عن مصر إن من الإصلاحات اللي الإنجليز أدخلوها من ١٨٨٣ هو منع التعذيب لانتزاع الاعترافات من المتهمين …ولكنه بيعترف إن التطبيق كان صعب وإن المحاكم وقتها – خاصة في الأقاليم – استمرت في تطبيق القسوة في التحقيق … في العشرينات بقى هل كانت الإصلاحات الإنجليزية ده فعلا مؤثرة لدرجة عدم تعرض المتهمين لأي تعذيب بالشكل ده؟ وإمتى بدأت الردة مرة أخرى لاستخدام التعذيب والقسوة
في التحقيق؟
فأنا علقت على كلام عمرو بالكلمتين دول:
الفصل الأخير من كتابي اللي بأخلصه دا الوقت بيتناول النقطة دي: هل صحيح إن الإنجليز هم اللي ألغوا التعذيب؟ والخلاصة هي:
١. لا، لإن كانت فيه محاولات حثيثة من الثلاثينات من القرن ال١٩ لإلغائه، للأسباب اللي عمرو ذكرها.
٢. الإلغاء جاه على مراحل وما كانش نتيجة انتشار أفكار غربية، أو ضغط من تنويريين بورجوازيين، على قد ما كان نتيجة ضغط من البيروقراطية الحاكمة.
٣. الإلغاء حصل بعد ما توفرت بدائل للتعذيب في وظيفتيه الأساسيتين: إقامة البينة القانونية (عوضا عن الاعتراف)، وكعقوبة.
٤. الوظيفة الأولي، أي تقديم بينة قانونية، جرى الاستعاضة عنها بعد تقدم الطب الجنائي الذي أصبح يعرف يالطب الشرعي (لأسباب يطول شرحها)، أما الوظيفة التانية ، أي التعذيب كعقوبة (ومن أهم أمثلتها الجلد) جرى الاستعاضة عنها بعد تقدم السجون وتحولها من مكان للنفي إلي مكان للحبس.، وكان ذلك مرتهنا بمد الخدمات الطبية للسجون.
٥ الإلغاء وصل ذروته في لائحة صدرت عان ١٨٦١ عرفت رسميا ب”لائحة استبدال الضرب بالحبس”.، ولوائح أخرى صدرت في نفس العام بمنع استخدام الضرب (الفلكة) كوسيلة لاتزاع اعترافات داخل أقسام الشرطة.
٦. التعذيب (بأشكاله) استمر بعد ذلك، ولكنه أصبح غير قانوني extralegal.
٧. بعد الاحتلال ادعىت السلطات الإنجليزية إنها جاءت بقوانين ومبادئ دستورية لاستعادة الأمن، ولم تر أن مصر كان بها نضام قانوني أصلا ما بالنا بنظام قانوني حديث ومتطور ألغى العذيب بالفعل.
٨. البريطانيون هم أول من أعاد استخدام التعذيب العلني (الجلد) في قضية دنشواي التي تعد انتهاكا للمبادئ التي ادعى كرومر نفسه أن الاحتلال جاء لينفذها، أي فرض القانون العادي وليس الاستثنائي على بلد عمت فيه الفوضى.
٩. كان لتطور فرع الطب الجنائي المصري الذي أرسيت قواعده في القرن التاسع عشر دور مهم في عدم الاعتماد على التعذيب في أوائل القرن العشرين. ومما يدل على ذلك شهادة د. سيدني سميث، الطبيب النيوزيلاندي الذي ترأس مصلحة الطب الشرعي في مصر أثناء قضية ريا وسكينة وثورة ١٩١٩.
سيدني سمث، الطبي النيوزيلاندي الذي عمل في مصلحة الطب الشرعي في مصر، من عام ١٩١٤ إلى عام ١٩٢٧
وفي كتابه: Mostly Murder الصادر عام ١٩٥٩ (بعد وفاته) تلخيص واف للقضية (ص ص ٧١-٧٣) ، وأرفق هنا صورة لأربعة من الجثث الأربعة عشر التي عثرت عليها الشرطة بالصدفة أثناء عملية حفر تمت في الشارع الملاصق لبيت ريا وسكينة.

 

 

One Comment

  1. Sherif Radwan
    Sherif Radwan 14/05/2018

    د خالد لا تجعلنا ننتظر الخبر والمعلومه التي تقترب من الحقيقه اصبحت شيء نادر شكرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.