Press "Enter" to skip to content

عصام علي عطا

نُشر في “أخبار الأدب” في ٤ نوفمبر ٢٠١١

في يوم الثلاثاء 25 أكتوبر ذهبت والدة عصام علي عطا لسجن طره حيث كان ابنها يقضي عقوبة السجن سنتين تنفيذا لحكم محكمة عسكرية، وفي أثناء الزيارة مررت له شريحة تليفون حتي يتمكن من الاتصال بها ليطمأنها عليه. إلا أن سجينا آخر كان عصام قد علي خلاف معه رآه وهو يستلم الشريحة فذهب للضابط المسئول وادعي أن والدة عصام هربت له مخدرات. 

وعلي مدار يومين كاملين تعرض عصام للضرب والتعذيب عن طريق إدخال خرطوم مياه من فمه وآخر من مؤخرته. وعندما ساءت حالته أرسل إلي مستشفي قصر العيني حيث لحقت به والدته، إلا أنهم قالوا لها إن ابنها مات.


إدارة السجن سارعت بإصدار بيان تقول فيه إن عصام كان قد أصيب بتسمم دوائي وإنه أرسل للقصر العيني للعلاج حيث مات بعد وصوله بقليل. ولكن أسرة عصام تمسكت بما سمعته من زملائه في السجن من تعرضه لتعذيب وحشي، وطالبوا بتشريح الجثة. يوم الجمعة ٢٨ أكتوبر توجهت مع الكثيرين غيري لمشرحة زينهم تضامنا مع أسرة عصام ومساعدة لهم علي تحمل هذا اليوم العصيب .


وصممنا ألا نترك المكان إلا بعد التأكد من قيام مصلحة الطب الشرعي بواجبها كاملا وأن نسير في جنازة عصام احتراما له ومواساة لأسرته. وبالفعل سار الموكب من زينهم للتحرير وهناك صلينا علي الفقيد في جامع عمر مكرم.


حتي وقت كتابة هذا المقال لم تصدر مصلحة الطب الشرعي تقريرها النهائي موضحة نتيجة التشريح، إلا أن الدكتورة عايدة سيف الدولة عضو مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب دخلت غرفة التشريح وارتابت فيما قيل لها وخاصة الادعاء بأن لفافة يبدو أنه تحتوي علي مواد مخدرة وجدت في معدة الضحية. وفي المقابل فإن الدكتور أحمد صيام .


وهو أحد أعضاء ما يسمي ب جمعية أطباء التحرير وكان قد حضر عملية التشريح بنفسه، أصدر بيانا نفي فيه وفاة عصام عطا متأثرا بالتعذيب.


مثل أغلب حالات التعذيب التي تنفيها الداخلية تحوم حول قضية عصام عطا الكثير من التساؤلات خاصة فيما يتعلق بنتيجة التشريح.
ولكن وسط الانقسامات المصاحبة لتلك القضية هناك بعض الحقائق التي لا يختلف عليها أحد. أولي هذه الحقائق أن عصام عطا مواطن مدني جرت محاكمته أمام محكمة عسكرية أصدرت حكمها عليها بعد القبض عليه بيوم واحد دون توكيل محامي.


ثاني هذه الحقائق أن سجل مصلحة الطب الشرعي فيه الكثير من العيوب الذي تجعلنا نرتاب فيها ونشك في نزاهتها. ثالث هذه الحقائق أن أسرة عصام عطا مثل غيرها من أسر ضحايا التعذيب في تاريخ مصر الحديث متمسكة بحقها في إظهار الحقيقة وإن استدعي الأمر تشريح جثة حبيبهم الغالي. الأمر الرابع والمريب حقا هو أن أمر النيابة العامة الصادر لمصلة الطب الشرعي .


لم يقل بضرورة تشريح الجثة للوقوف علي سبب الوفاة ، بل قال بضرورة أخذ عينات من المعدة والأمعاء للتأكد من وجود مواد مخدرة، وكأن النيابة قد حسمت الأمر وحددت سبب الوفاة قبل التشريح.


هذه الحقائق الأربع توضح كيف ما زالت الدولة المصرية تمتهن كرامة المصريين، فعصام تكالبت عليه ثلاثة مؤسسات حكومية: المحكمة العسكرية التي حاكمته بغير وجه حق، ووزارة الداخلية التي مات في أحد سجونها، والنيابة العامة التي أصدرت أمرا مشبوها أوحت به لمصلحة الطب الشرعي ما يجب عليها أن تقوله في تقريرها. علي أن موقف أسرة عصام عطا هو ما يحثني علي التمسك بالأمل، فما ضاع حق وراءه مطالب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.