نُشر في فيسبوك في ١ نوفمبر ٢٠١٢
“ترجمة لمداخلتي بالأمس في المناظرة التي نظمتها مؤسسة “المناظرات العربية الجديدة
أدار المناظرة تيم سباستين وكان الطرف الآخر فيها محمد سلماوي، وكان موقفي ضد الاقتراح الذي يقول: “التحول الديمقراطي في مصر كان مخيبا للآمال “:
وفي نهاية المناظرة تمكنت من إقناع ١٣٪ من الحضور بتغيير رأيهم.
إن ثورتنا ليست واحدة من تلك الثورات الملونة التي ستنتهي في غضون بضعة أسابيع.
إن ثورتنا ذات جذور تاريخية عميقة، ثورة سوف تستغرق سنوات عديدة حتى تصل لمنتهاها.
ونظرا لهذه الجذور التاريخية، فإني أجد الانتقال إلى الديمقراطية على مدى الأشهر ال 20 الماضية مبهرا حقا.
ما الذي تمكنا من إنجازه في هذه الشهور؟
لقد تمكنا من التخلص من مبارك، ونجحنا في إفشال مشروع التوريث الذي كان يبغي تحويل مصر إلى جمهورية وراثية.
تمكنا من الذهاب الى صناديق الاقتراع خمس مرات، ونجحنا في إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
تمكنا من توسيع مساحة النقاش العام بشكل كبير، وعشنا لنرى الملايين تنخرط في السياسة لأول مرة في حياتهم.
تمكنا من تقويض دعائم النظام دون أن نسقط الدولة ومؤسساتها.
تمكنا من القيام بكل هذا بطريقة سلمية غير عنيفة.
إن ما يجعل التحول السلمي إلى الديمقراطية أكثر إبهارا هو أنه تم في ظل انهيار اقتصادي مخيف، وفي ظل وجود قوى للثورة المضادة نشطة وعنيفة؛ وفي ظل افتقارنا إلى الخبرة السياسية، وفي وجود اتقسام عميق في المجتمع.
الأهم من ذلك، لقد تمكنا من التصدي في آن واحد لسؤالين عويصين، الأول هو: ما هو الدور المناسب للجيش في السياسة؟ والثاني هو ما هو الدور الصحيح للدين في السياسة؟
في 8 أغسطس تم تسديد ضربة قوية، إن لم تكن قاضية، لدولة يوليو وهيمنتها على السياسة، وليس هناك شك في أن قبضة الجيش على السياسة قد خفت بشكل ملحوظ.
أما بالنسبة لدور الدين في السياسة، فقد حاولنا لمدة ستين عاما أن نمنع الإسلاميين من العمل بالسياسة، ولم تؤد هذه المحاولات إلا للمزيد من التطرف والعنف، كما أدت هذه المحاولات إلى شلل كامل في نظامنا السياسي.
صحيح أن الإسلاميين منذ انتصاراتهم الانتخابية قد أساؤوا التصرف في مجالات عديدة.
إلا أنني على يقين بأن نجاحنا في إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس الرغبات الحقيقية للشعب المصري كان خطوة هامة وجيدة في عملية التحول الديمقراطي.
بينما أنا شخصيا أعتقد أنه لا ينبغي أن نخلط الإسلام بالسياسة، إلا أنني اعتقد في نفس الوقت أننا يجب أن نقحم الإسلاميين في السياسة. عندها فقط سيقد الإسلاميون التعاطف الذي نالوه على مدار عقود طويلة عندما كانوا مستهدفين ومقموعين، وعندها فقط سيتضح أنهم يعملون بالسياسة لا بالإسلام.
الطريق لا يزال طويلا أمامنا. ولكن إذا نظرنا لما حققناه بالفعل، وللطريقة السلمية التي قوضنا بها ركائز النظام وتعاملنا بها مع كل من الجيش وقوى الإسلام السياسي، لا يسعني سوى القول “إن ما أنجزناه ليس سيئا. ليس سيئا على الإطلاق. ”