نُشر في “أخبار الأدب” في ٣٠ يونيو ٢٠١١
طوال الأسبوع الماضي اهتمت وسائل الإعلام بما زعمه الأستاذ فاروق جويدة من أن مئات القطع قد فُقدت من متحف الفن الإسلامي. وسرعان ما أن انبرى المسئولون المختلفون لنفي هذه التهمة، فالسيد زاهي حواس، وزير الدول للآثار، أكد للرأي العام أن جميع القطع التي أشار إليها الأستاذ جويدة موجودة بالفعل، كما أكد الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس قطاع مكتب وزير الدولة لشؤون الآثار، أن ادعاءات وجود سرقات بالمتاحف المصرية تؤثر بشكل سلبى على سمعة مصر. ومن ناحيته، ظهر الدكتور محمد عباس، مدير عام المتحف، على التليفزيون ليؤكد أن جميع مخازن المتحف مؤمنة، وأن أمناء مخازن المتحف بمهماتهم على أكمل وجه وأن كل المقتنيات التي بعهدتهم مؤمنة ومسجلة ومحفوظة بشكل سليم.
إلى هنا قد يظن القائمون على أمور المتحف الإسلامي أنهم نجحوا في تفنيد ادعاءات الأستاذ جويدة وفي طمأنة الرأي العام من أن مقتنيات متحف الفن الإسلامي في أمان.
ولكني وبعد أن تابعت تلك القضية عن قرب ازدادت شكوكي في أن القائمين على أمور متحف الفن الإسلامي، بل أيضا أولئك القائمين على أمور آثارنا كلها، تغيب عنهم الرؤية الكلية عن طبيعة المتاحف ودورها في المجتمع. فالخطاب الشائع في كل ما سبق هو خطاب أمني يؤكد أن القائمين على أمور متاحفنا من أول وزير الدولة للآثار حتى أمناء المخازن ينظرون للمتاحف كمخازن للتحف، ولمقتنيات المتحف كعهدة يجب الحفاظ عليها، ويظنون أن مدير المتحف تنحصر مهمته في تأمين مقتنيات المتحف وحمايتها من السرقة والتلف.
أدرك تماما أن كل المتاحف الكبيرة في العالم لا تعرض سوى نسبة صغيرة جدا ربما لا تتجاوز الـ 10 % من مقتنياتها. كما أفهم بالطبع أن تأمين المقتنيات مهمة أساسية لمدير المتحف، وأنه يجب أن يحاسب عندما يتضح ضياع أو سرقة أي من مقتنيات المتحف. ولكن ذلك سقف متدني جدا لما يجب أن نطالب مدير أي متحف بالقيام به، إذ يجب على أي متحف محترم أن يكون لديه قطاع كامل معني بالدراسات والأبحاث والنشر، وهو ما لا أتبينه بخصوص متحف الفن الإسلامي. كما يجب على المتحف أن تكون لديه خطة طموحة لاستضافة معارض متخصصة من متاحف أجنبية (تحديدا كما نفعل نحن مع آثارنا الفرعونية عندما نرسلها للخارج للعرض في متاحف العالم)، وهو أمر غائب أيضا عن خطة إدارة المتحف. ويجب أيضا أن يكون لأي متحف في مثابة متحف الفن الإسلامي موقع محترم على الإنترنت لا ذلك الموقع المخزي الموجود الآن والمتوفر، بالمناسبة، بالإنجليزية فقط. وبعد إغلاق المتحف للترميم والتجديد لمدة عشر سنين كنت أتوقع أن يعاد النظر في الفلسفة الحاكمة للشروح المصاحبة للقطع المعروضة، ولكني أرى تلك الشروح ما زال يغلب عليها الطابع الوصفي الذي ينتمي لقوائم الحصر أكثر من انتمائها للعروض المتحفية التي يجب أن تثير المتعة والخيال والإثارة.
على أن المهمة الأولى التي يجب أن تقوم بها إدارة أي متحف هي جذب الجمهور للمتحف، ويجب أن يكون عدد الزائرين هو أهم معيار للحكم على أداء مدير أي متحف وليس عدد القطع الفنية التي استطاع أن يحميها من السرقة. وإذا أخذنا ذلك كمعيار في الحكم على أداء مدير متحف الفن الإسلامي وغيره من مديري متاحفنا فسوف نخلص إلى نتيجة حتمية وهي أنهم فشلوا فشلا ذريعا في القيام بأهم مسؤولياتهم ألا وهي جذب الجمهور للمتحف والتواصل معه.